مهالك الفوضى “الثورية”

مهالك الفوضى “الثورية”

الثورة كلمة ثقيلة على أسماع الطغاة، وعلامة فارقة في تاريخ الشعوب والأمم وهي أمل المغلوبين على أمرهم والمقهورين في معيشتهم، يعمل الظالمون على أن لا يفقه الناس سننها ليحرفوها عن مسارها الطبيعيّ الصحيح ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا عن طريق الوسط السياسي القائم وأدواته الثقافية الإعلامية والتعليمية.

ولقد رأينا رأي العين كيف يتم ذلك المكر بثوراتنا و كيف تحرك اليد الاستعمارية خيوطها الإقليمية والمحلية.

مد وجزر وآمال و آلام لا يخلو منها كل مسار ثوري يفرح المنتفعون يجزره الذي يقارب السكون حتى يأتيهم مده المبارك بوعي أكبر وبشرى تلوح في الآفاق .

إن عمل كل عاقل لا يمكن أن يسبق تفكيره واقتناعه وإلا  كان انسياقا غريزيا لا يختلف فيه الإنسان عن الأنعام. فما بالكم بالعمل الثوري وتبعاته الخطيرة في الأنفس والأموال؟

ونحن نبحث واقع هذه “الفوضى الثورية” ونسلط عليها أضواء الفكر لا نغفل عن السياق الخارجي وفوضى الدول الإستعمارية “الخلاقة” في صراعها على مناطق النفوذ واستثمارها في “صناعة الإرهاب”، كما لا نغفل عن السياق الداخلي بمختلف أطيافه السياسية وأرضياتها الصالحة لزراعة بذور “الفوضى الثورية”.

إن فهم الفرق بين كيان الدولة التنفيذي وأجهزتها وكيان الحزب الفكري والسياسي يتعارض مع وجود أحزاب مقاتلة وجماعات جهادية وأجنحة عسكرية للأحزاب السياسية, لأن أجهزة الدولة لا يجوز أن تعمل منفصلة عنها قبل قيامها ولا لإقامتها، مثل الجيش والجهاز القضائي وبيت المال.

 كل ذلك يمثل مواد قابلة للإشتعال الثوري في ديارنا ومن دمائنا وأموالنا دون طائل يذكر ولا تغيير لنظام الحكم الجبري العلماني الجاثم على صدورنا .

ومن بذور الفوضى “الثورية” الدعوة للعفوية وعدم التسييس لضمان مواصلة قيادة عوام الناس بالنظام العلماني السائد في الوسط السياسي يسارا  كان أم يمينا أم وسطا، والضحك على ذقون الناس باسم الحياد والمجتمع المدني والمنظمات غير الحزبية وغير الحكومية.

إننا نسميها ثورة رغم أنها غير مكتملة العناصر لنغيضهم ولكي تبقى مظاهر قوة الشعوب قائمة، وهي في طريقها إلى الرشد في كل بلاد المسلمين بإذن الله. ونحن بصدد قضيتنا الإسلامية الكبرى نريد تغيير موازين العالم الظالمة، لا يكفينا مجرد الانتفاض, ولا ينهض بأعباء صراعنا الحضاري الرهيب مجرد العصيان. نسميها كذالك ولا نبخس الناس غضبهم في وجوه العاجزين والخونة والعملاء، ولا نحبط أعمالهم وآمالهم، نسميها كذالك تفاؤلا بالخير القادم، لأن الظالمين وأعوانهم يفرحون بتسميتها فوضى وهم من يزرع بذور الفوضى والتخريب بين صفوفها، ليهمشوها ويقمعوها باسم مقاومة الإرهاب.

إن للثورة الصحيحة عنصرين أساسيين : المشروع الحضاري المكتمل للقطع النهائي مع منظومة الفساد القائمة برمتها، والقيادة السياسية لهذا المشروع الذي يعي عليه الناس وينصره أهل القوة منهم .

وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ ۖ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا.

عبد المجيد الحشّاني

CATEGORIES
TAGS
Share This