انعقد اجتماع يوم الجمعة 23 فيفري 2018, بمقر رئاسة الحكومة بالقصبة, تناول أزمة شركة فسفاط قفصة بعد توقف إنتاجها لقرابة شهر بسبب الإعتصامات والإضرابات, وقد وجهت الدعوة من قبل أحد مستشاري رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى عدد من الوزراء ونواب الجهة وممثلين عن الإتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة الأعراف والهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وذلك للتحاور والبحث عن حلول للخروج بالشركة من أزمتها, وقد كان لافتا عدم حضور رئيس الحكومة للاجتماع الذي تمخض على جملة من القرارات منها التنموية, وأول ما يضحك فيها أنها كانت قرارات مشروطة بـ ” عودة الإنتاج ونقل الفسفاط “, وكأن المجتمعين يريدون القول أن التنمية ليست حقا لأهالي الحوض المنجمي إلا بشروط, وهو ما يذكرني بمهزلة النفط مقابل الغذاء التي جوعت العراقيين في التسعينات من القرن الماضي والتي انتهت بإضعاف العراق وتدميره وهاهي حكومة الوحدة الوطنية تجتمع لتقول لأهالي الحوض المنجمي ” التنمية مقابل الفسفاط ” وقد اقترحت على أهالي الحوض المنجمي جملة من الوعود بالانتدابات والتشغيل والتنمية المشروطة, وتمثلت في مجملها في :
ــ انتداب 1006 موطن شغل التي تم الإعلان عنها سابقا كإنتدابات صلب شركة فسفاط ڤفصة والمجمع الكيميائي التونسي.
ــ انتداب ما بين 250 و 300 شخصا في المؤسسات العمومية
ــ ابرام 600 عقد كرامة
ــ تمويل 2000 مشروعا
ــ توفير 1000 موطن شغل عبر آلية التكوين بغاية الإنتداب.
واتخذت جملة من القرارات التنموية تخص معتمدية المظيلة تمثلت في :
ــ الوعد بتركيز فرع قباضة مالية وفرع بنكي وهو ما كنا أشرنا إليه في مقالنا السابق الذي تناول مآسي أهالي المظيلة.
ــ التعهّد بفك العزلة عن المظيلة بفتح الطرق بين ولايتي توزر وڤبلي.
ــ التعهّد بإنجاز مشاريع تنموية بعمادة السڤي
ــ التعهّد بالإنطلاق في تركيب مصفاة للحد من التلوث بالمعمل الكيميائي
والملاحظ أن جملة القرارات المتعلقة بالمظيلة عبارة على رزمة وقع التفاوض بشأنها من طرف الأهالي والحكومة السابقة سنة 2013 وتعهدت بإنجازها لصالح المدينة ولكنها لم تفعل إلى يومنا هذا
ــ التعهّد بتخصيص المظيلة بنسبة مستقلة من الإنتدابات مثل بقية الجهات وتخصيص نسبة من الإنتدابات لأصحاب الشهائد العليا والحالات الإجتماعية.
ــ التعهّد بأن يقع تمكين المظيلة من نصيبها القديم من شركة البيئة والغراسة (100 موطن شغل).
وإن تمت موافقة المعتصمين على هذه القرارات يوم الأحد سيقع الإمضاء على تطبيق هذه القرارات يوم الإثنين بحضور ممثلي الحكومة والإتحاد ونواب الجهة.
وعلى اثر هذه القرارات انعقد اجتماع أعضاء تنسيقية شباب المظيلة للتباحث في الوضع الراهن بعد الحلول المقدمة في الاجتماع الوزاري.
وعود حكومة 2013 وشرط الفسفاط مقابل التنمية
ومن جهته,صرح السيد هيثم خير الدين, أحد ممثلي المعتصمين بأن قرارات الحكومة الأخيرة لا تتعدى مستوى الوعود الكلامية لأنها لم تُتبع لا بتفصيل إجراءات تنفيذها ولا بجدول زمني واضح لانجازها, علاوة على كونها عبارة عن تكرار لما كانت قد تعهدت به حكومة 2013 ولم تنجزه وهو يجعل منها مجرد وعود كسابقاتها وحبرا على ورق, بل زادت عليها شرط ” عودة الإنتاج و نقل الفسفاط ” وهو ما حدا بمعتصمي البرج البارحة إلى إعادة توقيف العمل كليا بالمغسلة عدد 3 بعد أن سمحوا سابقا بإعادة تشغيلها لمدة 48 ساعة كبادرة حسن نية, لما لاحظوه من تسويف ومماطلة من طرف الحكومة و من لف لفها .
كما صدر بيان عن إقليم الرديف يعبر عن موقف المجموعة المعتصمة في مقطع المناڨس جاء فيه :
تحية إلى كل طالبي الشغل والعيش الكريم بعد مواكبة الاحتجاجات والمطالبة بالتشغيل والتنمية والعيش الكريم في هذه الربوع المنكوبة والتذبذب في التصريحات لبعض المسؤولين من شركة فسفاط ڨفصة ووزارة الطاقة والمناجم, وكذلك المفاوضات الليلية من إطارات و نواب وكل من له صلة بمافيا الفسفاط, وكذلك توضيح اليوم للامين العام المساعد لاتحاد الشغل بوعلي المباركي على الاتفاق الذي تم يوم امس في الاجتماع الوزاري المخصص لجهة ڨفصة وبعد تصريح هذا الأخير في احدى الاذاعات “ما نرَوحوا من ڨفصة كان كيف يرجع الفسفاط يخدم ” نعلمكم أن القرارات التي اتخذتموها لا تنهض بالجهة همكم الوحيد إخراج الذهب الأسود من مدننا لتسديد ديونكم في الخارج مقابل فتات من الوعود الزائفة لأهالينا في ڨفصة وغياب شبه كلي للدولة وانتهاج سياسة رمي الكرة في ملعب شركة فسفاط ڨفصة لحل مشاكل الولاية والحوض المنجمي بالخصوص ,كم من وعود تساقطت علينا تساقط المطر، وعندما يتوقف الإنتاج، ترى الجميع يبكي بكاء الثكالى.
في الأخير نطالب الدولة بالتنمية الإقتصادية والإجتماعية لا بالحلول الترقيعية لخدمة مصالحها السياسية وعلينا أن نطالب أنفسنا بالتنمية السياسية والفكرية بالثورة على ذواتنا ثقافيا ونحرر أنفسنا من التمثلات التقليدية والأصولية الغارقة فينا حتى النخاع ونقيم رصيدنا النضالي وتمثله في ضوء التحولات الهيكلية الجارية .
مازالت الحكومة تتخبط في إيجاد الحلول للمشاكل التي تفاقمت وحاصرت كل مجالات الحياة بالبلاد ولن تصل إلى حلحلة أية أزمة لأنها تبحث في طريق الخطأ, فالأزمة الحقيقية التي تعيشها البلاد هي أزمة نظام أفلس و لم يعد بمقدوره أن يجد الحلول للمشاكل المستجدة. ألم يئن لهم أن يفهموا أن خلاص البلاد والعباد في الرجوع إلى نظام الخالق الذي يقنع العقل ويطمئن القلب ويتماشى مع الفطرة ” ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ” ألا ليت قومي يعلمون.