تقرير لجنة الحقوق والحريات ثمرة خبيثة لدستور 2014

تقرير لجنة الحقوق والحريات ثمرة خبيثة لدستور 2014

أصدرت لجنة الحقوق والحريات تقريرها خلال شهر رمضان, وكما كان متوقعا فقد سارت هذه اللجنة في اعداد مقترحاتها على النحو الذي حدده لها “الباجي قائد السبسي” في 13 اوت 2017 والذي يشكّل استجابة فورية للإملاءات المهينة والمذلة والتي أصدرها البرلمان الأوروبي في 14/09/2016 *( انظر الرابط اسفل المقال) .

لذلك لم يكن مستغربا ان يشعل هذا التقرير الأجواء ويكدّر على الناس أجواء شهر رمضان المبارك, وأن تنتشر في المواقع الالكترونية السّباب والشتائم والنعوت المشينة في حقأصحاب هذا التقرير ولمن كان وراءه , وذلك بسبب القدر الكبير من التحدي والجرأة على الاحكام الشرعية القطعية الثابتة,والدعوة الى إحداث قوانين تنشر الفاحشة وتهتك الاعراض وتدمر الاسرة.
ولم يكن مستغربا أيضا ان تفتح المؤسسات الإعلامية المدعومة بأموال السفراء الأجانب أبوابها لأعضاء هذه اللجنة لشرح كيفية عملها و بيان الفلسفة العامة التي انبثقت منها الاقتراحات المناقضة للعقيدة الإسلامية,ولنتبين عندها حجم الكارثة التي مثلها دستور 2014 , والتي سبق لحزب التحرير ان شرحها جملة وتفصيلا, ولنتذكر مجددا ان نواب المجلس التأسيسي قد ارتكبوا اكبر عملية تحيل جماعي على الشعب التونسي المسلمحين توافقوا على صفة الدولة المدنية وعلى جعل السيادة للشعب بدل ان تكون للشرع.

بين سيادة الشعب و سيادة الشرع … جريمة مع سبق الاصرار

لقد سبق ان بيّن حزب التحرير في حينه وخلال زيارات ميدانية وندوات فكرية وسياسية ووقفات أمام المجلس التأسيسي ان الدولة المدنية المشار اليها في المادة الثانية من دستور 2014 تعني الدولة العلمانية التي تعتبر الفكر البشري هو المقدس دون غيره من النصوص وخصوصا النص الشرعيالإسلامي, وان الحديث عن سيادة الشعب تعني عمليا استبعاد الإسلام كمصدر للتشريع وهذا يعني بوضوح ان العقيدة السياسية للدستور 2014 ليست العقيدة الإسلامية بل هي عقيدة فصل الدين عن الحياة.
لقد بينا أيضا ان ماورد في المادة الأولى من الدستور من تنصيص على ان الإسلام هو دين الدولة دون التأكيد على سيادة الشرع ودون حصر التشريع في الإسلام هو ضحك على الذقون وإستبلاه للملايين من أبناء الأمة, فالدولة لا تصوم ولا تصلي بل هي كيان تنفيذي لمجموعة من المفاهيم والقناعات والتشريعات, ومعنى كونها إسلامية يقتضي وجوبا ان تكون المفاهيم والتشريعات التي تطبقها الدولة مصدرها الإسلام, أما خداع الناس بالاكتفاء ببعض الطقوس الشكلية وجعل أعياد الفطر والاضحى أعيادا رسمية فهو ذر للرماد في العيون للتغطية على اعتماد التشريعات الغربية في تنظيم العلاقات بدل التشريع الإسلامي.
احد أعضاء لجنة الحقوق والحريات يدعى “سليم اللغماني” أكّد خلال الأسبوع الماضي ان ما تمت صياغته من توصيات كان منسجما مع دستور 2014 , الذي ينص على ان تونس دولة مدنية, وانه اذا كان هناك من يعتبر ان التشريع الإسلامي هو أعلى التشريعات , فهذا الراي لم ينص عليه دستور2014. كلام هذا العضو يلخص ازمة الدستور الذي توافق عليه أعضاء المجلس التأسيسي الذي لم يتحدث عن الإسلام بشكل واضح بكونه مصدر التشريع.
النصوص الشرعية نصوص فوق دستورية
ان الدستور هو الصياغة القانونية لمجمل القناعات والمفاهيم التي يُراد بها تنظيم الحياة العامة لدى الامة الإسلامية, فاذا كان المفاهيم والقناعات التي يحتويها الدستور مصدرها التشريع الإسلامي كان دستورا إسلاميا , واذا لم يكن كذلك فليس بدستور إسلامي بل هو دستور احتلال حضاري كما هو دستور 2014 .
ان معنى السيادة هو العُلوية التي لا يمكن تجاوزها, ولو تم التنصيص على سيادة الشرع في الدستور لامكن الاعتراض على أي قانون مخالف للشرع باعتباره غير دستوري, أما والامر على ما هو عليه في الوضع الراهن من وجود دستور يُعلي من شأن إرادة البشر على حساب الشرع فان الواجب على كل المسلمين الجادين والمخلصين لربهم ودينهم والحريصين على مستقبل عائلاتهم ان يعملوا على اسقاط هذا الدستور الذي سيكون مصدرا لكل الموبقات التشريعية والتي منها مقترحات لجنة الحقوق والحريات.
ان طاعة الله ورسوله في ما انزله من تشريعات هو من متطلبات الايمان بالله واليوم الآخر,وهو امر لا يخضع للمناورة ولا للمساومة, وهو اعلى من أي نص دستوري, وبلغة أخرى, إن النصوص الشرعية ومن تحتويه من أحكام هي مواد فوق دستورية لا يمكن باي حال تجاوزها من أي هيئة قانونية مهما كانت صفتها, وان إصرار أي جهة على سن قوانين تخالف عقيدة الامة وحضارتها هو تهديد للسلم الأهلي وتوفير الظروف لإدخال البلاد في الفتنة والدفع بها نحو المجهول الذي لا تحمد عواقبه.
«ومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا» الأحزاب 36
*http://www.europarl.europa.eu/sides/getDoc.do?pubRef=-//EP//TEXT+TA+P8-TA-2016-0345+0+DOC+XML+V0//FR

محمد مقيديش

CATEGORIES
TAGS
Share This