نظّم مركز دراسة الاسلام والديمقراطية يوم الأربعاء 15 جانفي 2020 ندوة بنزل المشتل في تونس العاصمة بعنوان “تحديات وانجازات الثورة في عيدها التاسع” دُعيَ إليها العديد من الشخصيات السياسية والنقابية, وكانت الكلمة الترحيبية لرئيس المركز الأستاذ رضوان المصمودي والتي دعا من خلالها إلى تقييم أهم انجازات الثورة خلال التسع السنوات الماضية والتحديات التي واجهتها كما أوضح انه يراد من خلال هذه الندوة الخروج برؤية مشتركة للتسريع في هذه الانجازات.
ثم أعطى الكلمة إلى الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي، والذي اعتبر هذه الندوة مهمة لإحياء ذكرى عظيمة وعزيزة على قلوبنا وكلما ابتعدنا عن تاريخ اندلاع الثورة كلما أصابنا الفتور, ولا أدل على ذلك من حجم الاحتفالات التي أقيمت يوم 14 جانفي بشارع بورقيبة، كما أنها حققت للبلاد متاحا من الحرية, وأكد على أنه لا يجب أن يستعجل التونسيين لقطف ثمار هذه المرحلة، خاصة و أن الشعب تخلص من المستبدّ( بن علي) ولكنه مازال لم يتخلص من المنظومة المستبدّة، على حد تعبيره., كما أن هنالك أزمة ثقة عميقة بين المواطن والدولة.., وختم كلامه قائلا: “هناك من يقول بأننا لم نقم بثورة وحتى الدستور نسب كتابته إلى أطراف أجنبية ثم فُرض علينا وكأننا دراويش..”
ثم أحيلت الكلمة إلى عبد الكريم الهاروني رئيس مجلس الشورى بحزب حركة النهضة الذي دعا فيها إلى التفكير في شؤون تونس بكل هدوء من خلال هذه المراكز للتفكير،.. كما أكد أنه لا يمكن لهذه الثورة أن تنجح دون نجاح العدالة الانتقالية وتحقيق المصالحة الوطنية التي مازال ملفها معطلا إلى حد الآن.
وقال الهاروني بأن الدستور التونسي الجديد أحدث توافقا بين أغلب الطبقات السياسية والتونسيين، ويجب إمهاله الوقت الكافي لتطبيقه على أرض الواقع، داعيا إلى التخلي عن فكرة تنقيحه نحو تغيير نظام الحكم إلى رئاسي، الذي سيعيد الشعب إلى ما قبل الثورة، وفق تعبيره.
وأشار من جهة أخرى إلى بعض الهيئات الدستورية المعطلة على غرار المحكمة الدستورية، وتأخر إرساء الحكم المحلي، الذي وصفه بالثورة داخل الدولة، داعيا إلى تجاز هذه الإشكاليات في أقرب الآجال.
هذا وشدد على ضرورة إيلاء الملف الاجتماعي الأهمية اللازمة، موضحا أن غيابه يعود إلى عدم اتفاق الطبقة السياسية التي ضيعت على نفسها عديد الفرص لإحداث حوار شامل حول هذه المسائل.
في مداخلة القيادي في ائتلاف الكرامة الأستاذ عبد اللطيف العلوي قال إن الثورة التونسية مازالت مستهدفة باعتبارها منبع الثورات العربية والملهمة لبقية الشعوب، وهو الأمر الذي ترفضه بعض الدول والحكّام، وشدد العلوي على أن أكبر خطر يهدد البلاد اليوم هو الفساد، مشيرا إلى أنه يعاب على النهضة عدم محاربتها الفساد طيلة فترة الحكم، وفي ذلك جانب من الصحة، ولكن الحرب ضدّ هذه الآفة لا يمكن أن يخوضها حزب ولكن هي معركة وطنية.
وبخصوص القانون الانتخابي، رأى عبد اللطيف العلوي ضرورة تنقيحه ولكن ليس في الفترة الحالية نظرا لحاجة البلاد إليه، موضحا بأن الشتات الذي تسبب فيه هذا القانون داخل البرلمان اليوم لا يمكن أن يسمح بتركيز الهيئات الدستورية على غرار المحكمة الدستورية.
وفي تعليقه على الوضع الراهن قال إنّ جميع الأحزاب ستذهب إلى أي حكومة مهما كانت وسيصوتون حتى على حكومة ”قردة”، حتى لا تعاد الانتخابات..
وقد حضر هذه الندوة عضوا لجنة الاتصالات لحزب التحرير الأستاذ محمد علي بن سالم والمهندس الجيلاني العدولي وكانت لكل منهما مداخلة قيّمة في الموضوع.
في المداخلة الأولى تعرّض الأستاذ محمد علي بن سالم قائلا بالأمس أحيينا الذكرى التاسعة للثورة المجيدة التي كان أبرز شعاراتها “الشعب يريد إسقاط النظام” ولكن ما لاحظناه أن رأس النظام فرّ وبقي النظام جاثما على صدورنا, هذا النظام الذي رسكل نفسه منذ البدايات ليعود من النافذة في شكل المنقذ الحامل للحلول, لهذا إلى اليوم نتحدّث عن تعثّر وعن فساد وعن منظومة فساد.
إنّ الفساد أصله متجذّر ومتشكّل في النظام ذاته حتى صرنا نشاهد من يتحدّث عن الفساد وعن منظومة الفساد وهو أصله فاسد يصدق فيه قول الشاعر “إذا كان الغراب دليل قوم يمرّ بهم على جيف الكلاب”..
وعقب على كلمة عبد كريم الهاروني بالقول “اليوم أشار الأخ الهاروني إلى ضرورة التوافق, أنا أريد أن أسأله: مع من تتوافق ؟ مع طبقة سياسية بان فعلا ارتهانها للأجنبي, حتى من يدعي الثورية فيهم بانت عمالتهم وفاحت رائحتهم ! نجاحهم الوحيد الذي يفتخرون به هو إقصاء ما يُعبّرون عليه بالإسلام السياسي من الحكم ومن مفاصل الدولة… !!!
نتساءل اليوم كيف يرجى التوافق مع أناس إقصائيين…؟
أيها الإخوة, إن الدول لا تبنى على التوافقات والترضيات إنّما تًبنى الدول على فكرة كلية على مشروع حضاري قادر على أن يُعطي معالجات حقيقية…
أما كلمة المهندس الجيلاني العدول فقد بدأها بذكر قول أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عندما عٌرض عليه فتح افريقية (تونس): قال “إنها غادرة ومغدور بها لن يفتحها احد ما دمت حيا”. لأنه كان من يستعمر تونس يغدر بها ولا يوفي بعهوده, وكنتيجة مباشرة لذلك يغدر به سكانها.
لذا أقول إن ثورة تونس قد غٌدر بها من أول يوم عندما أًوتي بمحمد الغنوشي إلى الحكم وهو الذراع الأيمن لبن علي، ثم بفؤاد المبزع والسبسي وهم كلهم رجال المنظومة القديمة, ثمّ إدخال البلاد في مرحلة تأسيسية لترتيب البيت بعدما فاجأتهم الثورة مما أفضى إلى مناخ سياسي أنتج أكثر من 200 حزب لتهميش الوضع, حيث أصبحت السفارات الأجنبية مزارات, وكذالك فتح الباب أمام آلاف الجمعيات لتهميش البعض وشرّعوا لهم التمويل من أطراف أجنبية ليصبحوا آداة تجسّس على البلاد.
كل هذا وغيره أدى إلى تأزيم الوضع الاقتصادي والسياسي بتونس… لذلك إخوتي ادعوكم ان نرجع إلى الجادة ونعود إلى ديننا منبع عزنا لكي نرضي رب العزة وننهض بأنفسنا وأمتنا والسلام عليكم.
المهندس الجيلاني عدولي, عضو لجنة الاتصالات لحزب التحرير – تونس