أعلن جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي أن صندوق النقد كان في تواصل مستمر مع سلطات 12 دولة بالشرق الأوسط وآسيا لتقديم المشورة والمساعدة، لا سيما مع أولئك الذين هم في حاجة ماسة للتمويل لتحمل الصدمات” الناتجة عن تداعيات فيروس كورونا.
انتهاء برنامج القرض الممدد
وكان رئيس الحكومة السيد إلياس الفخفاخ قد صرح لجريدة المغرب الصادرة يوم الأحد08 مارس 2020 بأنه في تواصل مع صندوق النقد الذي حسب قوله أضعنا معه على أنفسنا مراجعتين السابعة والثامنة تقدران بـ 3 مليار دينار أي ثلث الموارد التي سنقترضها من الخارج. ثم أضاف قائلا بأن حكومته ستنهي البرنامج الحالي مع صندوق النقد الدولي. وهو يشير بذلك للقرض الممدد الذي تم إبرامه مع الصندوق أيام حكومة الحبيب الصيد ويقدر ب 2,9 مليار دولار، حيث تسلمت تونس منه خمسة أقساط مقابل سير الحكومات في توصيات إملاءات صندوق النقد الدولي، في حين امتنع الصندوق عن تقديم القسط السادس والسابع بسبب عدم التزام حكومة الشاهد فترة الانتخابات بتوصيات الصندوق ثم بسبب التعثر في تشكيل الحكومة الجديدة.
برنامج كورونا
وقد أضاف رئيس الحكومة في ذات اللقاء بأن حكومته “ستشرع في برنامج جديد تدافع فيه على مصلحة البلاد ولا تقبل بشروط لا تراعيها مع الالتزام بأن يكون هذا آخر برنامج مع الصندوق”. وهكذا كان, حيث عقدت الحكومة اتفاقا جديدا مع صندوق النّقد الدّولي بحسب وزير المالية نزار يعيش يسمى “برنامج كورونا” وستتمكن تونس من خلال الاتفاق الجديد من الحصول على مبلغ يتجاوز 400 مليون دولار، أي حوالي1.2 مليار دينار على الأقل في الأسابيع القليلة القادمة.
صندوق النقد والشروط المجحفة
الجميع يعلم أنّ صندوق النّقد الدولي والبنك العالمي يستخدمان من طرف الدول الإستعمارية وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا وفرنسا لفرض الهيمنة الإقتصادية وبالتالي السياسية على الدول الضعيفة، وقد سمّاه كبار الاقتصاديين في العالم بالقاتل الاقتصادي, وأنّ وظيفته الأساسيّة في العالم هي بسط النفوذ عن طريق الشروط التي يفرضها على الدّول، وهي غير قابلة للنّقاش أو التّفاوض، وقد يسمح الصندوق بإمهال الدّول مدّة من الزمن لتطبيق شروطه ولكنّه لا يسمح بتغييرها مطلقا، بدليل أنّه ألغى القسطين، السادس والسابع بسبب عدم الإلتزام الحكومة السابقة ببعض إملاءاته فترة الانتخابات.
وللعلم فان صندوق النقد لم يكتفي بما قدمته الحكومة التونسية من تنازلات مؤلمة لصالح الدول الاستعمارية وشركاتها الناهبة، كالتفريط في الثروات الطبيعية ووضعها في مناطق عسكرية مغلقة حتى لا ينغص على الاستعمار أثناء نهبه، والتفريط في بعض الشركات العمومية لصالح القطاع الخاص بدعوى جلب الاستثمار الأجنبي، والضغط على الشعب بزيادة الضرائب وغلق باب الانتداب في الوظيفة العمومية بدعوى تقليص عجز الميزانية، نعم لم يكتفي بذلك وبغيرها من الإجراءات، بل يطالب بقرارات مصيرية تتخلى فيها الدولة عما تبقى لها من دور للرعاية، وسيغتنم الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد لفرض شروط أقسى تؤدي إلى تدهور إضافي للمقدرة الشرائية وغلاء الأسعار وسيشهد الدينار التونسي تدهورا إضافيا في الأشهر القادمة.
كلمة الختام
أيها الأهل في تونس, إن الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي لن تزيد الاقتصاد إلا خرابا وشروطه لن نجني منها سوى استئثار الشركات الأجنبية بخيرات البلاد وثرواتها، ولن تزيدنا إلا فقرا وتهميشا وخصاصة وبطالة وانسدادا للآفاق، ولن نجني منها إلا التضييق في الرزق والإضرار بالبيئة والأمراض المستعصية والقبضة الأمنية.
إن المطلوب للخروج من الأزمة الحالية هو التعويل على أنفسنا، ففي فترة الأزمات لا يحتاج الناس إلا لتوفير الغذاء والدواء، وهي أمور ممكنة، فثرواتنا الزراعية والبحرية وحدها قادرة على إطعامنا دون الحاجة إلى صندوق النقد وجرعاته المميتة، وقد أظهر عدد من المتخصصين والباحثين في بلادنا قدرتهم على تصنيع ما يلزمنا من دواء ومستحضرات طبية، ولكن المشكلة في النظام الرأسمالي الجشع وارتهان القرار السياسي بيد القوي الغربية.
د, الأسعد العجيلي، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير -تونس