قال ترامب خلال إيجازه الصحفي اليومي في 10 نيسان/أبريل “على مر السنين، لسنوات عديدة، كنا ندفع لهم من 300 إلى 500 مليون دولار، بل وأكثر سنوياً. الصين تدفع لهم أقل من 40 مليوناً على مر السنين. لذا نحن ندفع لهم أكثر من 10 أضعاف ما تدفعه الصين”.
التعليق:
جاء هجوم ترامب فيما يتعلق بطريقة استجابة منظمة الصحة العالمية للأزمة نابعا من محاولاته صرف النظر عن إخفاقاته في معالجة الأزمة، محاولا إبراز وجود خلل حقيقي في هيكل وعمل المنظمات الدولية تحت مظلة الأمم المتحدة داعما ذلك إلى حد ما بأخطاء حقيقية ارتكبتها منظمة الصحة العالمية.
غردت منظمة الصحة العالمية في 14 كانون الثاني/يناير بأن “التحقيقات الأولية التي أجرتها السلطات الصينية لم تجد دليلاً واضحاً على انتقال فيروس كورونا الجديد الذي كانت بداية بؤرته في ووهان، الصين”، لكن الأطباء الصينيين كانوا يحاولون تحذير العالم في وقت مبكر من كانون الأول/ديسمبر من إمكانية حدوث انتقال للفيروس من إنسان إلى إنسان. بالإضافة إلى هذا التوجيه الخاطئ من منظمة الصحة العالمية، كانت منظمة الصحة العالمية متأخرة جداً في الإعلان عن جائحة فيروسية وهذا أعطى الحكومات المحلية مبرراً زائفاً لتأخير ردات أفعالها.
تعتبر منظمة الصحة العالمية وعلى نطاق واسع كيانا مستقلا، ولكن ترامب محق بالطبع في أن المنظمة تتكون من أشخاص من دول حول العالم ويجب أن تنعكس جداول أعمالهم المختلفة في عمل المنظمة. ومع ذلك، فإن الطريقة الرئيسية التي ينعكس بها ذلك، ليست في القرارات والتصريحات التي تدعم أجندة محددة، ولكن من خلال القرارات والإعلانات التي يتم تصفيتها من خلال العديد من طبقات البيروقراطية في محاولة للتحرر من اللوم الدبلوماسي من جميع الدول الأعضاء. والنتيجة هي أن ادعاءات الصين يجب أن تطغى على ادعاءات تايوان، حيث إن تايوان لا تعترف بها سوى أربع عشرة دولة من أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة، كما تأخذ تصريحات الحكومة الصينية الرسمية الأسبقية على الادعاءات المتناقضة التي يقدمها مواطنون صينيون بفرديتهم. علاوة على ذلك، تضمن البيروقراطية تصريحات بطيئة ودقيقة بعد ترتيب الإجماع الداخلي لتجنب الإساءة. وفي ظل هذا كله، لا نغفل عن كون المنظمة بشرية، وبالتالي يمكن أن يكون تأثير بعض الدول أكبر من دول أخرى بما يتناسب مع حجم هذه الدول ومقدار مدخلاتها. إن مفهوم المنظمة الدولية أو القانون الدولي معيب في ذاته لأن الدول فقط يمكن أن تكون مصدراً للقانون. توافق الدول على العمل ضمن ما يسمى بالأطر الدولية فقط وفقاً لقوتها ونفوذها فيما يتعلق بما إذا كان هذا الإطار يخدم مصالحها على المدى الطويل لدرجة أنها ستضحي ببعض المصالح قصيرة المدى.
ومع معرفة القيود المفاهيمية والعملية لمنظمة الصحة العالمية كهيئة دولية، ينبغي على أية قيادة صادقة أن تبني إجراءاتها على أساس أن الحكومات المحلية هي المسؤولة عن صحة شعوبها، وليس منظمة الصحة العالمية. لذلك، يخطئ ترامب في إلقاء اللوم على منظمة الصحة العالمية لحقيقة أن الولايات المتحدة هي الآن في بؤرة جائحة، تتجاوز حجم أمريكا الحقيقي في إطار حدودها الداخلية وقدرتها على خوض امتحان هذه الجائحة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
على الرابط التالي: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/radio-broadcast/news-comment/67472.html د. عبد الله روبين