في رده على سؤال من مسلمين يمتلكون شركات في أوروبا، أجاز أمين “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” علي القره داغي لهم الحصول على قروض ربوية في حال مواجهة خطر الإفلاس.
التعليق:
لقد ابتليت الأمة الإسلامية بعلماء تجرؤوا على دين الله وخالفوا أحكاماً شرعيةً قطعية، بعد أن استحدثوا ولفقوا قواعد فقهية ألبسوها لباس الشرعية وجعلوها أدلة على الأحكام، وخاصة قاعدة “الضرورات تبيح المحظورات” والتي استدل بها القره داغي في هذه الفتوى، حين قال في جوابه: “إن الربا محرم في جميع الأحوال إلا إذا بلغت الحالة حالة الضرورة الشرعية”، موضحا أن تعرض شركة ما وموظفيها للإفلاس حسب الظن الغالب المعتمد على السوق أو تقرير الخبراء فإن هذا يعتبر موتاً للشخص الاعتباري المعنوي”، قياسا على أن الخوف المؤكد من هلاك الشخص الطبيعي يعد من الضرورات التي تبيح المحظورات.
إن هذه الفتوى وغيرها مما هي على شاكلتها وقياسها، تعطل حكما شرعيا، وبالتالي تعطل نصاً شرعياً قطعياً، كيف وصل الحال بأمثال هؤلاء بأن يتجرؤوا على كتاب الله وما فيه من نصوص واضحة وضوح الشمس، ظل المسلمون متقيدين بها لا يحيدون عنها قيد شعرة، لعلمهم بالمصير الذي سيلاقيه من يغير أو يعطل حكماً أو نصاً شرعيا؟!
وواقع قاعدة الضرورات تبيح المحظورات حسب ما رأيناه من تطبيقات عملية حسبها، فإنها لم تُبقِ حراما إلا وحللته، وفي هذا تضليل وأي تضليل. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الأصل في العلماء أنهم ورثة الأنبياء، وعلى عاتقهم يقع تعليم الناس أحكام دينهم ليضبطوا بها سلوكهم، ومن الطبيعي أن يلجأ المسلم غير الواعي أو من استشكلت عليه مسألة، أن يلجأ إلى من يظن أن لديه العلم الصحيح، أو كما يقال من لديه الثقة به وبصدقه، معتبرا أن هذا العالم يفترض فيه أنه أكثر الناس خشية لله، وبالتالي لن يسمح لنفسه بأن يغضب ربه لأنه يخشى عذابه.
ومن جهة أخرى هناك من الناس من يُتبِع نفسه هواها، ويظل يسأل باحثاً عمن يفتي له بما يريد، فيأخذ بتلك الفتوى ولسان حاله يقول: أضعها في رقبة عالم وأخرج منها سالماً، متناسيا أن الله يعلم السر وأخفى.
والأصل في العالِم أن يكون أهل ثقة وموضع أمانة، يفرُّ من أبواب السلاطين فراره من الأسد، وإلا كان لهم شريكا في ظلمهم وانحرافاتهم وخياناتهم لله وللرسول وللأمة، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحاسبهم، وإلا سيكون ممن حمل أوزارا مع أوزارهم وأوزار كل من وثق به وعمل برأيه.
ولن ينظف المجتمع من صعود أمثال هؤلاء إلى مرتبة العلماء، إلا بالعودة إلى تطبيق الإسلام تطبيقا كاملا في ظل دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة والتي نرى إشعاع بريقها الخافت في ظلام الحكم الجبري الحالك. نسأل الله السلامة لجميع المسلمين يوم لقائه.