نقض الفكر الغربي وبيان فساده ومخالفته لبديهيات العقل وقواعد التفكير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه, وبعد:
نتحدث في هذه الحلقة عن “النظرية الفردية” والتي هي جزء الفكر الرأسمالي، ونبين فسادها وما ترتب عليها في المجتمع من آثار مدمرة.
الرأسمالية مبدأ فردي ينظر للمجتمع على أنه مكون من أفراد، وكل معالجاتها تقوم على النظرية الفردية الأحادية، وقلما تعير اهتماما للصفة الجماعية للمجتمع. وانطلاقا من فكرة الحريات التي تُعطى للفرد، وضعت التشريعات والمعالجات التي تبني على التصور الفردي للمجتمع.
والخطأ الكامن في تعريف المجتمع في الفكر الرأسمالي يبرز في أنه لا يفرق بين بناء الجماعة وبناء المجتمع، فيعرف المجتمع بأنه عبارة عن مجموعة من الأفراد. وهو بذلك لا يفرق بين واقع الجماعة وواقع المجتمع ويجعلهما سواء.
والواقع أن الفرق واضح بين واقعيهما, فأي جماعة بشرية تجتمع من أقطاب شتى في طائرة أو سفينة تظهر عليها الصفة الفردية الخالصة لانعدام وجود رابطة دائمية تربط بينهم, اللهم إلا التواجد في الطائرة أو السفينة.
بعكس المجتمعات البشرية المستقرة، فالمجتمع هو عبارة عن مجموعة من الناس تربطهم علاقات دائمية، هدفهم القيام بعملية الإشباع للحاجات العضوية والغرائز بناء على مفاهيم وأفكار ومقاييس معينة. وهذه الأفكار التي يحملونها هي التي تحدد النظرة إلى المصالح والى الأنظمة التي يجب أن تنظم عملية تبادل المصالح بين أفراد المجتمع. والأفكار نفسها هي التي تحدد طبيعة المشاعر التي تحكم حين القيام بعملية التبادل للمصالح من حيث الرضا والغضب..
فالمجتمع في واقعه ليس كما يتصور الرأسماليون من أنه مجموعة من الأفراد، بل هو مجموعة من الناس تربطهم علاقات دائمية وأفكار ومشاعر وأنظمة.
ولما كانت النظرة الفردية هي الأساس في المعالجات الرأسمالية تلاحظ المصائب في المجتمع, التي تتولد عن هذه النظرة الفردية الخالصة نتيجة إيلاء الفرد الأهمية في التشريع وجعل النظرة الفردية هي الأساس, وإهمال كيان المجتمع من حيث النظرة لما يجب أن يكون عليه, وتنظيم العلاقة بين الفرد والمجتمع وعناصر تكوينه. ويصبح الفرد من خلال هذه النظرة في نهاية المطاف هو الضحية.
ولتقريب فكرة النظرة الفردية للأذهان: يقال مثلا, إن الفرد له الحرية الشخصية، فيحق له أن يشرب الخمر بأي كمية أراد وكيفما أراد، دون نظرة إلى حقيقة ما يجنيه ذلك الفعل على المجتمع وتوابع الفعل.
وبعض المفكرين يسمي هذه النظرة إلى المجتمع “المذهب الفردي”، وهو المذهب الذي يرى أن مركز التنبه في التفكير والتشريع هو الفرد، فبسعادته تتحقق سعادة المجتمع، وبتحقيق حرياته يتم الوصول إلى المجتمع الإنساني المطلوب. وفي الحقيقة إن ما يسمى “المذهب الفردي” ليس إلا جزءا من تركيبة المبدأ الرأسمالي وركيزة أساسية في تشريعاته ومعالجاته.
النظرة الفردية للمجتمع قادت إلى مظاهر متعددة من الخراب في منظومة القيم في المجتمع والأسرة يمكن إيجاز بعضها ثم شرح مثال منها, وهي على النحو التالي:
1.الملكية الفردية باعتبارها مبنية على الفردية أي حق الفرد في التملك ودون حدود, واعتبار السلعة والخدمات التي لها قيمة وسعر هي تلك المرغوب فيها بغض النظر عن آثارها المدمرة في المجتمع (الجنس.. الخمر.. القمار…)، وتمكين طبقة معينة من الاستئثار بموارد المجتمع بشكل يدل على وجود بون شاسع ..
-
إطلاق ما يسمى الحرية الجنسية باعتبارها جزءا من الحرية الشخصية وما يتبع ذلك من تبعات على المجتمع من تفكك الأسرة وأطفال يعانون الأمراض النفسية نتيجة تحطم الوشائج الأسرية التي كانوا يحتمون بها, والعزوف عن الزواج والإنجاب، وانتشار البغاء والاتجار بالرقيق ألأبيض وما يعنيه ذلك من استغلال حاجات النساء الضعيفات والوافدات.
-
المخدرات والخمور وأضرارها, ودفع المجتمع تبعات السماح بتناولها.
4.العيش في عزلة ووحدة، وتشكل طبقة تشمل الملايين ممن يعانون من الأمراض النفسية وتناول العقاقير..
-
انتشار ملاجئ العجزة.. والتخلص من الكبار.. والحكم عليهم بالبقاء بعيدين عن محيط الأسرة والبقاء القسري في ملاجئ العجزة إلى أن يعاجلهم الموت.