مؤخّرا وفي أجواء مشحونة بالمناورات السياسيّة، طفت على سطح الأحداث في تونس مسألة الاعتذار عن الإرث الاستعماريّ: فقد تقدّمت كتلة ائتلاف الكرامة في البرلمان بلائحة في شكل بيان سياسي باسم مجلس النوّاب تطالب فيها فرنسا بالاعتذار عن جرائم الاحتلال المقترفة في حق تونس والتونسيين طيلة أكثر من سبعة عقود من الاستعمار وتقديم تعويضات للدّولة التونسية وللضحايا التونسيين بالإضافة إلى نشر الأرشيف الاستعماري الذي تكتّمت عنه فرنسا وامتنعت إلى يوم الناس هذا عن عرضه للعموم أو حتى للبحث العلمي..وقد انطلقت صباح الثلاثاء 09/06/2020 فعاليات الجلسة العامّة لمجلس نوّاب الشعب للنظر في اللاّئحة حيث عدّد سيف الدين مخلوف رئيس الكتلة بعض الجرائم المرتكبة ضدّ الشعب التونسي طيلة الحقبة الاستعمارية والتي تواصلت حتى بُعيد الاستقلال، كما تحدّث عمّا أسماه (حقّ الاعتذار) بوصفه مطلبًا حضاريًّا نبيلاً طالبت به كل الشعوب المضطهدة بمن فيهم الفرنسيّون أنفسهم الذين طالبوا به ألمانيا مرّتين.. وذكّر مخلوف بمجزرة بنزرت (معركة الجلاء) التي ذهب ضحيّتها مئات المدنيّين الأبرياء مستغربًا من تخصيص شريان رئيسي بالعاصمة باسم مقترفها (شارل دي قول)..وقد تواصلت الجلسة إلى فجر الأربعاء على امتداد أكثر من (16) ساعة من النقاشات تجشّأ خلالها (نوائب) الشعب بما انطوت عليه مجارير أضغانهم من رخص وذلّ وعمالة وانبطاحيّة وعداء للهويّة، على غرار (سالم لبيض) الذي حوّل طلب الاعتذار إلى تركيا (لأن الاحتلال العثماني هو من أوصل تونس إلى الحماية) أو (عبير موسي) التي ألحّت على وجوب المحافظة على علاقاتنا بفرنسا (لأن لنا معها فائضًا تجاريًّا وتستوعب قرابة المليون عامل تونسي) أو (علي لعريّض) الذي اعتبر اللاّئحة (مضرّة بالمصالح العليا لتونس)..وقد تجاوزت التفاعلات أسوار البرلمان لتؤثّث البلاتوات التلفزية والإذاعية بما هو أقذع وأقذر لاسيّما على ألسنة فلول الدّساترة والتجمّعيين وبقايا (الحركي وحزب فليان القمل) الذين برهنوا بصفاقة عجيبة أنّهم فرنسيّون أكثر من فرنسا نفسها، على غرار وزير خارجيّة الباجي قائد السبسي (أحمد ونيّس) الذي اعتبر فرنسا الاستعمارية وما اقترفته من فظاعات بمثابة الأمّ الرّؤوم التي تُربّي ابنها التونسي غير الرّاشد وعلينا أن نردّ لها جميلها (فرانسا كيف كنّا في الجهل والتخلّف ربّاتنا وثقّفتنا وردّتنا دولة)..؟؟ وكما كان منتظرًا فقد أسقط البرلمان لائحة الاعتذار تلك بالضّربة القاضية وبشبه إجماع والشّيء من مأتاه لا يُستغربُ :فما كان للاستعمار أن ينجح ـ بصرف النّظر عن موازين القوى ـ لو لم يكن في جزء من مكوّنات الشّعب المستعمَر قابليّة الخضوع للاستعمار..
رمزيّات خطيرة
ممّا لا شكّ فيه أن الذين تواطؤوا على إسقاط لائحة طلب الاعتذار من فرنسا قد أجرموا في حق تونس وشعبها وثقافتها وعقيدتها وكرامتها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها ودماء شهدائها: فبصرف النظر عمّن يقف وراء اللاّئحة والغايات السياسيّة المشبوهة الكامنة وراءها، ولو ضربنا صفحًا عن طابعها الشّكلي وارتجاليّتها وضبابيّتها وسطحيّتها وما اعتراها من ثغرات ـ شكلاً وتوقيتًا ومضمونًا ومفعولاً وغاية ـ فإنّ لهذه اللاّئحة ـ شئنا أم أبينا ـ بُعدًا رمزيًّا يضع كرامة الشّعب التونسي وشرفه في الميزان: فإسقاطها ـ بأي شكل ولأي سبب ـ يعني واقعيًّا وعمليًّا أن الشعب التونسي المسلم الأبيّ الذي ديست كرامته وانتُهكت أعراضه وامتهنت مقدّساته ومُسخت هويّته وصودرت ثرواته طيلة أكثر من سبعة عقود فقد خلالها خيرة أبنائه وعانى من التشريد والتجهيل والتجويع، أن هذا الشعب قد فقد بوصلته العقائدية وتاه عن مركز تنبّهه الحضاري واستحال جثّة بلا روح فضرب صفحًا عن هذه المظالم والجرائم في حقّه واستكان إلى جلاّده وركن إلى ظالمه وذاب فيه وفقد أي إحساس بالعزّة والكرامة والسؤدد ورضي بالذل والهوان واعتبر كل تلك الفظاعات من باب (الحماية والترشيد والتأهيل) واستحال عرّابًا للاستعمار وناطورًا على (حقّه في ثرواتنا)..ناهيك وأن الصّحافة الفرنسية تلقّفت خبر سقوط اللاّئحة باحتفاء مبالغ فيه وأوّلته التّأويل السالف حيث علّقت جريدة (لوفيغارو) في صفحتها الأولى (التونسيّون يرفضون مطالبة فرنسا بالاعتذار) وهذه لعمري كبيرة في حقّ تونس القيروان والزّيتونة وشعبها أحفاد العبادلة والفاتحين: فالاحتلال الفرنسيّ الصليبيّ الاستعماريّ وإرثه المشين ارتبط في الضّمير الجمعيّ للتونسيّين بالدّم والمجازر المروّعة وبالسّعي المحموم لطمس الهويّة عبر الفرنسة والتنصير والتجنيس بما يؤكّد هذا الاعتذار ويضاعف من رمزيّته لاسيّما مع المواقف الفرنسيّة المتصلّبة: فرغم أنّها كانت أوّل من طالب ألمانيا بالاعتذار والتّعويض لليهود عن أسطورة (الهولوكوست) وأوّل من طالب تركيا بالاعتذار والتّعويض للأرمن عن مذابح وهميّة إلاّ أنّها امتنعت عن الاعتراف بجرائمها الثّابتة والموثّقة بالصّوت والصّورة في مستعمراتها ـ لاسيّما الجزائر ـ بل عمدت بمنتهى الفظاظة إلى عكس الهجوم واستصدار قانون 23/02/2005 الذي يكرّس نظريّة (الجوانب الإيجابيّة للاستعمار)..ورغم أنّها لم تتورّع عن مطالبة تونس بتعويضات ماليّة ضخمة عن المنشآت التي خلّفتها في البلاد والأراضي التي استصلحتها والأموال التي صرفتها أثناء الحقبة الاستعماريّة (هكذا ؟؟) إلاّ أنّها استكثرت هذه الأيّام على الشّعب التونسيّ مجرّد اعتذار شكليّ يجعلها في حلّ من جرائمها البشعة تجاهه..بل إنّ (مارين لوبان) رئيسة الجبهة الوطنيّة الفرنسيّة لم تتورّع عن تهديد سيف الدّين مخلوف بضرب تونس بالقنبلة النوويّة في حال أصرّ بجديّة على تحريك ملفّ الثروات المنهوبة من طرف فرنسا..
في آلية الاعتذار
هل يمكن لاعتذار مهما كان رسميّا وصادقا وحارّا أن يضمّد جراح 75 سنة من ذاكرة الشّعب التونسيّ..؟؟ هل يمكن لتعويض مادّي أيّا كان حجمه وقيمته أن يسدّد فاتورة قرن إلاّ ربع من النّهب والاستغلال والمسخ والتّقتيل..؟؟ وعلى فرض تحقّق هذا الاعتذار في مفعوله الرّجعي التّاريخيّ (الحقبة الاستعماريّة) فمن يضع حدّا للجرائم الحاليّة للاستعمار في تبعاته السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة وتواصله بأشكاله الجديدة..؟؟ للإجابة عن هذه التساؤلات لا بدّ من الوقوف على آلية الاعتذار نفسها ـ ماهية ومفعولا وغايات وتبعات ـ فقد عرفت السياسة الدولية إثر الحرب الكونية الثانية آلية جديدة في التعامل بين الدول والشعوب التي تتقاسم ماضيًا استعماريًّا أو عبوديًّا مشتركًا وهي آلية الاعتذار، وتتجسّد وفق المعادلة التالية: الاعتراف فالتعويض المادي ثم رد الاعتبار وفتح صفحة جديدة..وكان واضحًا أنّ هذه الحركة تتنزّل في إطار سعي القوى المنتصرة في الحرب إلى تصفية الإرث الاستعماري التقليدي قبل وراثته ثمّ إزاحة المعوقات والمنغّصات من أمام استقرار العالم بصورته المحدّدة في بنود ويلسن والمفروضة في مؤتمر يالطا حدودًا ونفوذًا وأيديولوجية..أما باكورة هذه الآلية فهو الاعتذار الألماني لليهود الذي توسّع فيما بعد ليغطّي أوروبا، ثم اعتُمدت لرأب الصّدع بين ثنائيات أخرى من قبيل: اليابان/أمريكا ـ السود/البيض في جنوب إفريقيا ـ إيطاليا/ليبيا دون أن ننسى مسرحيّة الاعتذار الأمريكي لأحفاد العبيد..ولئن أظهرت بعض الدول ليونة في الانصياع لهذه الآلية على غرار إيطاليا التي قدّمت تعويضات مالية سخيّة وتنقّل برلسكوني بنفسه إلى ليبيا حيث عانق ـ في حركة معبّرة ـ ابن الشهيد عمر المختار واعتذر منه ،وعلى غرار جنوب إفريقيا التي تخلّت عن نظام الفصل العنصريّ (الأبارتايد) ومكّنت مواطنيها السّود من حقوقهم السياسيّة ،فإن دولاً أخرى استكثرت على مستعمراتها السابقة مجرّد حركة رمزية عن سنوات الإذلال والاستغلال والمآسي التي كابدتها تحت نيرها على غرار موقف فرنسا من إرثها الاستعماري المشين ـ لاسيّما في الجزائر ـ بل إنّ طبيعة الاستعمار الوحشيّة أحدثت عاهة مستديمة في جسد الأمّة الإسلاميّة حيث قضى المستعمر على دولة الخلافة وقسّم المسلمين إلى أكثر من 50 مزقة وغرّبهم ومسخهم واتّخذهم وقود احتراب وقفّازات محليّة استعماريّة بالوكالة وجنّدهم لمحاربة أدنى نفس إسلاميّ ولحراسة وضمان نصيبه من ثرواتهم ،وها أنّ تبعات تلك الجريمة مازالت تلقي بظلالها على المشهد السياسيّ في العالم الإسلاميّ وتفتح الأبواب مشرعة أمام الاستعمار الجديد للتدخّل في شؤون المسلمين وهزّ استقرارهم ومصادرة قرارهم ومقدّراتهم..فهل ينتفي الاستعمار في ظلّ تواصل المبدأ الذي انبثق عنه (الرّأسماليّة)..؟؟ وهل أنّ واجب المسلمين اليوم هو طلب الاعتذار من الاستعمار أم كنسه بكافّة أشكاله ورموزه وإقامة الخلافة الإسلاميّة على أنقاضه..؟؟
اعتذار أم استثمار..؟؟
إنّ الاعتذار عن الذّنب والتّوبة منه يقتضي حالة نفسيّة متكاملة تتمثّل في الاقتناع بفداحة الجرم المقترف ممّا يولّد أسفا وندما يفضيان بدورهما إلى عزم على الإقلاع عن الخطيئة وتجفيف منابع الجريمة ثمّ التكفير بالجبر والاعتذار..فهل أنّ النماذج المتحقّقة ميدانيّا نسلت فعلا عن هذه الخلفيّة النفسيّة وانبثقت حقيقة عن رغبة صادقة في تجاوز أخطاء الماضي والتعويض عنها، أم أنّ وراءها حسابات سياسيّة مشبوهة..؟؟ للأمانة التاريخيّة فإنّ آليّة الاعتذار هي صناعة يهوديّة صهيونيّة صرفة استُخدمت في شكل بلطجة سياسيّة مستندة إلى أساطير وافتراءات لإخضاع الأمم الأوروبيّة ثمّ البشريّة قاطبة إلى ابتزاز مادّي ومعنويّ فظيع عبر إذكاء عقدة الذّنب تجاه (الهولوكوست) المزعوم وجعله بمثابة الطّقس التعبّدي المفروض بسلطة اللّوبيّات اليهوديّة والماسونيّة وسيوفها المشرعة في وجوه السّياسيّين والمفكّرين والأنظمة من قبيل اللاّساميّة والإرهاب ،ناهيك وأنّه أثمر جريمة العصر: اغتصاب فلسطين وتأسيس كيان يهود على أرضها..أمّا باقي الأمثلة التي تحقّقت فهي في معظمها اعتذارات باهتة مصطنعة صفراء بمنطق مصلحي براغماتي ضيّق أملتها طبخات سياسيّة أو اقتصاديّة أو أمنيّة جنى ثمارها الجاني المعتذر ولم تغيّر من واقع الضحيّة شيئا بل خدّرته وأحكمت إخضاعه واستغلاله :فقد فتح الاعتذار الإيطاليّ أبواب ليبيا وأسواقها مشرعة أمام الاستثمارات والبضائع الإيطاليّة وأمّن لها احتياجاتها من الطّاقة في ظلّ أزمة اقتصاديّة عالميّة خانقة (2008).. ومكّن الاعتذار للسّود في جنوب إفريقيا الرّجل الأبيض من التفصّي من جرائم (الأبارتايد) بأخفّ الأضرار وفكّ عزلتهم الدوليّة ومواصلة السّيطرة على شعب استشرى فيه الوعي القوميّ السياسيّ وأضحى يهدّد بجديّة سيطرة البيض واحتكارهم للسّلطة والثّروات.. وقس على ذلك مسرحيّة اعتذار أمريكا لمواطنيها السّود عن أخطاء العبوديّة ،فهي مجرّد مناورة سياسيّة ذات طابع عنصريّ للتخلّص من عبء تاريخيّ ثقيل بأقلّ التكاليف عبر إفراغ الاعتذار من محتواه والتفصّي من تبعاته كونه صادرا عن رجل أسود (أوباما) لأبناء جلدته..أمّا الاعتذار السنويّ المفروض على اليابان فهو استعراض أمريكيّ وقح للقوّة وجلد يابانيّ ذليل للذّات يحمّلها فظاعات الحرب العالميّة الثّانية ويلمّع صورة من اقترف في حقّها أبشع جريمة حرب في التّاريخ بقصفها بقنبلتين نوويّتين أتتا على نصف مليون نسمة..
أيّ اعتذار ننشد..؟؟
هذه النّماذج القابلة للتّعميم تُجلي لنا بوضوح أنّ الاعتذار كآليّة سياسيّة ما هو في الواقع إلاّ استثمار (اقتصادي ـ سياسيّ ـ أمنيّ ـ حضاريّ..) غير مُلزم يُضرب به عُرض الحائط إذا انتفت موجباته ،وأنّه شكل جديد مهذّب من أشكال ديمومة الهيمنة والاستغلال أملته المستجدّات السّياسيّة وانحناءة بسيطة لا بدّ منها ولا بأس بها لمرور العاصفة ،وأنّ ما عبّرت عنه فرنسا بفظاظة وعنجهيّة وبطر حقّقه غيرها بكياسة ولباقة ودهاء..وإنّ التّلويح بهكذا اعتذار من طرف الغرب الاستعماريّ هو من باب الخداع والتّضليل والتّخدير والمناورة السياسيّة ،كما أنّ المطالبة به والرّضا بسقفه المنخفض من طرف الضّحايا يُعدّ تطبيعا مع الاستعمار وتلميعا لصورته وتزويدا له بجرعة أوكسيجين تمكّنه من الانتعاش والثّبات والدّيمومة..وإنّ المطروح على الأمّة الإسلاميّة اليوم ليس مطالبة المستعمر بالاعتذار عن جرائمه السّابقة بل بالكفّ عن ممارساته الاستعماريّة الحاليّة في حقّنا وكنس نفوذه بكافّة أشكاله وأوضاعه ورموزه وإقامة الدّولة الإسلاميّة على أنقاضه..وإنّ ما يجب التأكيد عليه هو أنّ الجرائم الوحشيّة التي اقترفها الغرب الاستعماريّ ليست أعمالا فرديّة أو سلوكيّات معزولة عرضيّة أو تجاوزات محدودة، بل هي ممارسات من صميم الاستعمار ملازمة له متماهية معه لا يتحقّق إلاّ بها حيثما وقع وأينما كان حتّى وإن لم يلاق مقاومة ،فلا وجود لاستعمار نظيف وآخر قذر..وإنّ الاستعمار بشكله البشع ذاك ليس طفرة في تاريخ الأمم الأوروبيّة أو نزوة سياسيّة لملك ،ولا هو معالجة ظرفيّة أملتها حسابات أو وضعيّات ،بل هو سليل العقيدة الرّأسماليّة نفسها منبثق رأسا عنها بما هو طريقة المبدأ الرأسماليّ في الانتشار وبما هي عقيدة تقدّس فكرة حريّة التملّك.. من هذا المنطلق فإنّ الاعتذار الوحيد الحقيقيّ والجدّي والعمليّ والصّادق والقابل للتحقّق على أرض الواقع والكفيل بتعويض الشّعب التونسيّ وتضميد جراحه وجراح كلّ الشّعوب التي اكتوت بنار الاستعمار لا يتحقّق إلاّ بخطوتين ،أولاهما :إعادة الحكم بما أنزل الله في الأرض بإقامة دولة الخلافة الإسلاميّة ومبايعة خليفة راشد وأسلمة المعاملات البشريّة والعلاقات الدوليّة.. ثانيتهما: تجفيف منابع الاستعمار العقديّة بالتخلّي الكلّي عن النظام الرّأسمالي والتبرّؤ من العقيدة الرأسماليّة التي أفرزت الاستعمار وممارساته..فالعوامل العقديّة التي دفعت بالدول الرأسماليّة إلى استعمارنا في السّابق هي التي أعادتها إلينا اليوم بأشكال جديدة ،وهي ـ ما دامت باقية ـ ستدفعها مجدّدا إلى استعمارنا لاسيّما في ظلّ غياب الإمام الجنّة الذي يقاتل من ورائه ويُتّقى به..وإنّ اعتذارا شكليّا قائما على المنفعة أو حتّى على المصلحة المتبادلة لن يقف حائلا جديّا دون استنساخ مغامرة الاستعمار في أبشع صورها..