بعد انحراف الثّورة عن مسارها الصّحيح وفقدانها لبوصلتها العقائديّة انخرطت تونس ـ ومازالت ـ في دوّامة من الاحتجاجات الاجتماعيّة الساخنة مافتئت تستفحل وتتوسّع لتغطي كافّة محافظات البلاد من شمالها إلى جنوبها مبشّرة بجرعة أكسيجين تعيد للثورة رشدها وتصحّح مسارها نحو استعادة السّيادة واسترجاع السلطان وتعميم المقدّرات وكنس الكافر المستعمر وأذنابه..فالجهات الدّاخلية رغم كونها تسبح فوق بحر من الثروات الطاقية والمنجميّة والطبيعيّة، إلاّ أنها مازالت تعاني من الفقر والتهميش والخصاصة والبطالة وانسداد الآفاق، إذ استأثرت الشركات الأجنبيّة بخيراتها وارتدّت ثرواتها وبالاً عليها، فلم تجن منها إلاّ التضييق في الرّزق والإضرار بالبيئة والأمراض المستعصية والقبضة الأمنيّة.. ومّما لاشكّ فيه أن الحكومات المتعاقبة على تونس منذ مسرحيّة الاستقلال قد كرّست سياسة المكيالين والتفاوت الجهوي ونظام المركز والمحيط، وتخلّت شيئًا فشيئًا عن أوكد واجباتها في رعاية شؤون منظوريها لحساب حفظ مصالح الكافر المستعمر: فعوض أن تتولّى بنفسها استغلال الثروات المتاحة بما ينفع البلاد والعباد، أو تمكّن الشعب من الانتفاع بها، نجدها قد رضيت بدور العرّاب والسّمسار بل (المكّاس)، ففتحت البلاد على مصراعيها أمام النّهب الاستعماري وفرّطت في خيراتها للشّركات الأجنبيّة (بتراب الفلوس) تحت غطاء (الاستثمار والتنمية والشراكة و الخصخصة..) ورهنت اقتصاد البلاد للغرب الاستعماري وكبّلتها بالمديونيّة وأغرقت شعبها في دوّامة البطالة والخصاصة و الحرمان والإقصاء نزولاً عند شروط صندوق النّقد الدّولي الحاكم الفعلي للبلاد..
وقد علّق الأهالي آمالاً عريضة على الثورة في انفراج هذه الحال إلاّ أنّها لم تزدها إلاّ استفحالاً وتأزّمًا وتردّيًا بما أجّج نيران الغضب والنقمة وأشعل فتيل الاحتقان والامتعاض وأشاع حالة من الغبن والحسرة وخيبة الأمل ممزوجة بجرعة زائدة من الأدرينالين في صفوف الشباب الضائع ارتدّت بالسّلب على تحرّكاتهم المشروعة فأفقدتها نجاعتها ومصداقيّتها وحصانتها :ففي ظلّ اليأس وانعدام الوعي وغياب البديل وتنامي النزعة الأنانية والمصلحيّة، يسهل الالتفاف على التّحرّكات الشعبية وإفراغها من محتواها وتطويعها لمصلحة شركات النهب بل وتوظيفها لتنفيذ مخطّطات الكافر المستعمر..
تطاوين نموذجًا: اعتصام الكامور 1
في هذا السّياق بالذّات ـ سياق الهزّات الارتداديّة لثورة 14 جانفي المُجهَضَة والموؤُودة ـ تتنزّل التّحركات المتعاقبة التي شهدتها ولاية تطاوين بعد الثّورة :فهذه الولاية الصّحراوية الحدوديّة التي تمسح ثلث مساحة البلاد ولا تضمّ سوى 150 ألف نسمة تعتبر خزّان محروقات تونس ،فهي تحتوي على أكبر نسبة من احتياطيّ النّفط والغاز في البلاد (طرطار ـ البرمة ـ آدم..) والغاز الصّخري أيضا (باقل ـ الفرانيق..) وتحتوي على أكبر مشروع طاقة في تونس بقيمة استثماريّة تناهز 3,5 مليار دينار والمتمثّل في حقل نوّارة..كما تحتوي صحراؤها المشمسة أيضا على 30240 لوحا شمسيّا متحرّكا على مساحة 20 هكتارا و16704 ألواح شمسيّة ثابتة على مساحة 10 هكتارات بما يبوّئها مرتبة الرّيادة في الطّاقة الشمسيّة ،هذا فضلا عن الإمكانات الفلاحيّة والمنجميّة والسياحيّة الهامّة..ورغم هذا الكمّ الهائل من الإمكانات الواعدة تعاني المنطقة من نقص حادّ في البنية التحتيّة والمرافق والتجهيزات ومن أزمة بطالة حادّة تطال 32 بالمائة من قواها العاملة (17 ألف نسمة) ـ وهي أعلى نسبة مسجّلة في البلاد ـ بما يجعل منها ـ بامتياز ـ نموذجا للتّفاوت الجهوي ولمناطق الظّل المهمّشة.. وكان من الطّبيعي أن يستشري الضّغط والاحتقان في صفوف مُتساكنيها وينفجر في شكل احتجاجات اجتماعيّة وإضرابات واعتصامات للمطالبة بالتّشغيل والتّنمية شهدت مساء الأحد 23 أفريل 2017 تصعيدًا نوعيًّا تمثّل في اعتصام المحتجّين بمنطقة (الكامور) الاستراتيجيّة التي تمثّل نقطة عبور لشاحنات النّفط من حقل (البرمة) الحيوي مهدّدين بذلك بقطع الطّريق المؤدّية إلى الحقل وبإيقاف إنتاج النّفط.. كما عمدوا إلى غلق معبر (ذهيبة وازن) وسائر الطّرق الصّحراوية الحيويّة لمنع الآليّات من المرور إلى الحظائر داخل حقول النّفط، هذا بالإضافة إلى قطع أنبوب المياه المزوّد لتلك الحقول..هذه الوضعيّة التي تنذر بخنق النّشاط البترولي في المنطقة وتعطيل إنتاج النّفط وتسويقه بما يضرّ بمصالح الكافر المستعمر وشركاته النّاهبة ويحرج وكلاءه وعرّابيه دعّمت موقف أحرار تطاوين وجعلتهم في موقع قوّة ومكّنتهم من أداة ضغط فعّالة قادرة على قلب جميع المعطيات وحسم الصّراع لصالح الثّورة بشكل مبدئيّ تلتحم الأمّة بمقتضاه ـ لا بثرواتها فحسب ـ بل بعقيدتها وحضارتها ودولتها ،ولكن تجري رياح تنسيقيّة الاعتصام بما لا تشتهي سفن مشروع الأمّة..
الشّاهد يلدغ المعتصمين
فقد خيّبت التنسيقيّة الآمال المعقودة عليها ولم تحسن استغلال الوضعيّة السّانحة ولا استعمال الأسلحة المتاحة، فكانت وسائلها عدميّة همجيّة عنيفة (الاعتداء على الممتلكات الخاصّة والعامّة) ،وتحرّكاتها ارتجاليّا غاب عنها الوعي والخلفيّة الفكريّة المستنيرة ،وطموحاتها مطلبيّة أنانيّة هزيلة ودون التحدّيات المطروحة بكثير: رشوة ب 20% من عائدات النّفط لا تبلغ في الواقع 1% من قيمتها الحقيقيّة واستيعاب الشّركات البتروليّة لفرد من كلّ عائلة..وهو سقف منخفض يفتح الباب مُشرَعًا أمام الجهويّات والنّزاعات الإقليميّة، ويكرّس وضع التّبعيّة والاستغلال بما يؤدّي إلى ديمومته فيُفاقم بذلك الأزمة ويؤجّلها دون أن يحلّها بشكل جذريّ..هذه الأرضيّة الرّخوة نزلت بردًا وسلامًا على حكومة الشّاهد وفتحت أمامها مجالات رحبة للمناورة ومكّنتها من تشويه التحرّك وتقزيم الحلّ وتعويمه مع التّفصّي من جزء كبير من المسؤوليّة والخروج من المأزق بأخفّ الأضرار: فقد افتكّت زمام المبادرة من أهالي الجهة وجرّتهم ـ مستعينة بعرّابها اتّحاد الشّغل ـ إلى مربّعها المفضّل (الابتزاز ـ الترضيات ـ التأجيل ـ الوعود ـ المماطلة ـ المقايضات..) ،فرفض الشّاهد الجلوس إلى ممثّلي الاعتصام (الهمجيّين) وشدّد على أن البترول (ثروة وطنيّة لجميع التّونسيّين وليس ملكًا لجهة دون أخرى) واعتبر المطالبة بنسبة من عائداته (شرطًا تعجيزيًّا للحكومة)..ثمّ أفصح عن 64 قرارًا لفائدة أهالي الجهة تتمحور حول الانتداب والتشغيل وتمويل المشاريع الصّغرى وتهيئة المناطق السّقوية ودعم التّزوّد بالماء الصّالح للشراب وتعزيز النّقل البرّي والجوّي وبناء المساكن الاجتماعيّة وتهيئة بعض المؤسّسات الاستشفائيّة.. وهي معظمها مشاريع وهميّة مؤجّلة ومناورات لإجهاض الوضعية الثورية والالتفاف حول المطالب الحقيقيّة سيقت في شكل ترضيات آنية للأطراف المحرّكة للاعتصامات، ناهيك وأنّها مموّلة من جهات هامشية بعضها غير حكومي..كما أنّها قرارات تمكّن الحكومة أوّلاً: من الإيفاء بتعهّداتها تجاه الشركات الأجنبيّة والمحافظة على (حقوقها) وتمكينها من النّهب دون منغّصات.. ثانيًا: تمكّنها من مقايضة الهدوء بالتّنمية والبنية التحتيّة مع أنّها إجراءات من صميم رعاية الشؤون ومن أوكد واجبات الدّولة تجاه منظوريها بصرف النّظر عن الثروات، إلاّ أن حكومة الشاهد أرادت أن تقايض هذا الحقّ والواجب بالرّضا بالدّون والسّكوت عن الظّلم وسوّقته في شكل منّة وغنيمة حرب ،وكان هذا أوّل جحر لُدِغ منه أحرار تطّاوين.
اعتصام الكامور 2
ولم تخيّب سلطة العمالة والتبعيّة والارتهان سوء ظنّنا فيها وفراسة المؤمن الكامنة فينا ،فكان السيناريو الأسود المنتظر (السخاء في الوعود والعهود فالمماطلة والتسويف ثمّ الانقلاب والنّقض واللجوء إلى القمع والقبضة الأمنيّة)..فلم يتمّ تطبيق أيّ بند من اتفاقيّة الكامور1 لا مع حكومة الشّاهد البائدة ولا مع حكومة الفخفاخ الحاليّة :فقد انقلبت (الدّولة) على من اعتبرتهم (كمشة جبورة) وتخلّت عن تعهّداتها معهم في اتّفاق 2017 رغم أنّها كانت رسميّة تحمل توقيع وزير التّكوين المهنيّ والتشغيل ووالي تطّاوين والأمين العامّ لاتّحاد الشّغل الذي ضمن فيها بنفسه..وكان من الطبيعيّ أن يفيض الكأس بأحرار الجنوب إزاء هكذا حكومة (قلاّبة) ويقرّروا الاعتصام مجدّدا بأكثر ضراوة وحدّة مطالبين بتفعيل الاتفاقيّات ،فأغلقوا مداخل الولاية وسدّوا منافذ المدينة وأشعلوا الإطارات المطّاطية..وكالعادة قابلت حكومة (تصريف العمالة) هذه التحرّكات بإنزال بوليسيّ ليل الأحد 21 جوان انتهك حرمات البيوت وأمطر النّاس بالغاز المسيّل للدّموع بشكل مكثّف ممّا عرّض أرواح المسنّين والأطفال للخطر،وقد أسفرت هذه المداهمات عن اعتقال العديد من المعتصمين بمن فيهم النّاطق الرسميّ باسم الاعتصام (طارق الحدّاد)..إلى هذا الحدّ توقّف منطق العقل وحلّ محلّه منطق المثير والاستجابة الغريزيّ حيث شهدت الولاية احتقانا شديدا ومواجهات ساخنة بين الشّرطة والشّباب الذين استباحوا مراكز السّيادة في مدينتهم فكان الاندساس والتّوظيف والخروج عن السّيطرة بما استوجب الإنزال العسكريّ لحماية مؤسّسات الدّولة..ثمّ دخل اتّحاد الشّغل على الخطّ مجدّدا ليُنجز مهمّته القذرة في شهادة الزّور وامتصاص غضب الجماهير والتّنفيس عنهم واستنزاف طاقة الحراك واستدراجه إلى الحلّ الوسط الذي تريده السّلطة ومن ورائها الشركات الاستعماريّة..فإذا بنا نراوح في نفس مربّع الكامور1 :نفس المطالب ونفس الأساليب ونفس المواقف ونفس العرّاب ونفس المنطق المسموم الذي أجهض العديد من التحرّكات الواعدة بعد الثّورة (الفوّار ـ جمنة ـ قرقنة ـ الحوض المنجميّ ـ فرنانة ـ القصرين..) فهل سيُلدغ أحرار تطّاوين المؤمنون من نفس الجحر الواحد مرّة ثانية..؟؟
السّم في الدّسم
إنّ ما يثلج الصّدر فعلا أنّ النّسخة الثّانية من اعتصام الكامور قد تنامى فيها منسوب الوعي ـ على الأقلّ شكلا ـ بما يجنّبها بعض مزالق النّسخة الأولى ويجعلها أرضيّة خصبة لوضوح الرّؤيا وترشيد التحرّك وإكسابه النّجاعة والمصداقيّة والحصانة الكفيلة بحسم الصّراع لصالح الثّورة بشكل عقائديّ مبدئيّ :فهناك سعي جدّي من تنسيقيّة الاعتصام نحو القطع مع أيّ تدخّل حزبيّ أو برلمانيّ أو نقابيّ ،فقد رفضت ركوب اتّحاد الشّغل على الأحداث ولم تشارك في الإضراب الجهويّ الذي دعا له وأكّدت في بلاغ لها أنّ (شباب الجهة سيحدّدون مصيرهم بأنفسهم مع الدّولة دون أيّ تدخّل للأحزاب أو النوّاب)..كما ندّدت بالانجرار نحو العنف وتبرّأت منه ونأت بتحرّكها عن محاولات بعض المندسّين تشويه التحرّك وإخراجه عن السّيطرة والتنظّم.. بقيت مسألة المضمون أي مطالب المعتصمين التي ظلّت تراوح بين لامركزيّة الثّروة وتأميمها وهو نفس الجحر الذي لُدِغوا منه في 2017 لأنّ إجراءات الحكومة حينها كانت من جنس سقف مطالب الأهالي: فالتنمية والتشغيل ولامركزيّة الإدارة والعدل في توزيع الثروات..هي في العموم مطالب مشروعة لأهالينا بالدّاخل التونسي المنبوذ والمنسي شرط أن يكون التّحرّك واعيًا والهدف مدروسًا بحيث يكرّس السّيادة الفعلية ويوقف نزيف الثّروات ويقطع مع التّدخل الأجنبي ويعيد للدولة هيبتها ودورها في رعاية الشؤون، وهي مطالب عزيزة المنال في ظلّ الاحتقان والامتعاض وردود الأفعال الغريزية ومنطق العصا والجزرة..فالملاحظ في الخلفيّة المسيّرة لكلّ التحرّكات التي شهدتها البلاد بعد الثورة أنها كانت في مجملها أنانيّة مصلحيّة جهويّة ضيّقة أساسها شعارات ظاهرها فيه الرّحمة وباطنها من قبله العذاب (التوزيع العادل للثروة ـ التمييز الجهوي الإيجابي ـ إنصاف الجهات المحرومة ـ اللاّمركزيّة ـ خيرات الجهة لأبناء الجهة..) وهي حقول ألغام تؤسّس في المدى البعيد لضرب مركزيّة الدولة وهزّ استقرارها وتهديد وحدتها وبثّ الفتنة بين مكوّناتها وتبذر في تربة البلاد بذور الإقليمية والجهويّة وتزرع في رحمها أجنّة الفدرالية والاستقلال الذّاتي والانفصال والتقسيم تنضاف إلى جريمة الحكم المحلّي فتكرّس بالتالي هشاشة كيان الدولة وقابليّتها للتجزئة والتّفكّك وتوجد بذلك منافذ للاستعمار للتدخّل في شؤونها..
تأميم أم تعميم..؟؟
أمّا التلويح بتأميم الثّروات الطّاقيّة فهو من باب (وداوني بالتي كانت هي الدّاء) :فالتأميم قبل كلّ شيء إجراء منبثق من العقيدة الشيوعيّة تحال بمقتضاه الملكيّات العامّة والخاصّة للدّولة تستأثر بها وتتصرّف فيها بمنآى عن حاجات النّاس ،وهذا فضلا عن كونه ظلما فهو مخالف لما تنصّ عليه العقيدة الإسلاميّة وتفترضه من معالجات..كما أنّ هكذا إجراء لا يمكّن من استنقاذ الثّروات النفطيّة من الشركات الاستعماريّة وإعادتها لأصحابها، بل يمكّن الدّولة من حريّة التفريط فيها دون منغّصات كونها ملكا لها، فمكمن الدّاء يتمثّل أساسا في سوء تصرّف الدّولة في ملكيّة الشّعب العامّة وهكذا إجراء يفاقم الفساد..
إنّ الحلّ الحقيقي للأوضاع الاقتصاديّة المزرية في تونس والعالم الإسلامي قاطبة لا يكمن في تأميم الثروات كما يريد الاستعمار بل في تعميمها أي إعادتها ملكيّة عامّة كما نصّ على ذلك الإسلام ،ولا يكمن في المخارج الجهويّة والإقليمية بل في السّياسة الاقتصاديّة العامّة للدولة التي يجب أن تضمن للجميع نصيبًا عادلاً من إجماليّ ثرواتها لا من ثروة الجهة التي ينتمون إليها.. وهو إطار يتجاوز هذه الكيانات الوطنيّة العميلة ليعانق دولة مبدئيّة قائمة على أساس العقيدة الإسلامية يتضافر فيها عدل الأحكام مع عدالة التطبيق لتحقيق الرّعاية والكفاية والرّفاه.. فنظام الخلافة نظام وحدة وليس نظام اتّحاد وتعتبر ماليّة الأقاليم فيه ماليّة واحدة وميزانيّة واحدة ينفق منها على مصالح الرّعية بغضّ النظر عمّا يُجبى منها من واردات.. وتتكفّل الدولة بإشباع حاجات منظوريها الأساسية إذا عجزوا عن تلبيتها كما تضمن لهم إمكانية تحقيق الكماليّات، وتعتبر الثروات الباطنيّة في الإسلام ملكيّة عامّة تقوم الدّولة على استخراجها وتوزيع ريعها بالتّساوي على جميع أفراد الأمّة إمّا عينا أو في شكل خدمات ولا يجوز لها بأيّ حال أن تستحوذ عليها أو أن تفرّط فيها للشركات الخاصّة فضلاً عن الشركات الاستعماريّة..لمثل هكذا دولة يجب أن نثور وأن نعتصم ونحتجّ ونتحرّك ونعمل، فهي وحدها الكفيلة برعاية شؤون الأمّة حقّ الرعاية، أمّا أن نؤمّل ذلك من الكيانات الكرتونية العميلة والمنظومة الرّأسمالية الصمّاء فهذا من قبيل بيضة الدّيك وعسل الزّنبور.. يا أحرار تطّاوين حذار: لا للعنف ،لا للتّوظيف ،لا لاتّحاد الشّغل، لا للجهويّات، لا لتأميم الثّروة، نعم لتعميمها.. الثّبات الثّبات: الرخّ لا والضخّ لا والفخّ لا..