في وقت تعصف فيه جائحة كوفيد -19 بأغلب دول العالم وفي إطار تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أكتوبر 2020، توقع صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء 13 أكتوبر 2020 أن ينمو الاقتصاد التونسي سلبيا خلال كامل سنة 2020 بنسبة 7 بالمائة على أن يتعافى سنة 2021 ليصعد إلى 4 بالمائة ويبلغ 3 بالمائة خلال سنة 2025.
التعليق:
بعد أقلّ من عشر سنوات من الثورة على الظلم والطغيان ما زالت البلاد تعيش أزمة خانقة على كلّ المستويات ولا تزال بلادنا تعيش ظرفا دقيقا على كل الأصعدة مما يزيد في منسوب الضغط المسلط على النّاس، ولا يبدو أن هناك انفراجا قريبا في الأفق باعتبار ان الإشكالات في تفاقم مستمر على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والصحي بسبب ما اتّسم به مسار الطبقة السياسية العلمانية وكلّ الحكومات المنبثقة منها بالخضوع للهيمنة الغريبة عند وضع التشريعات “الدستور والقوانين” والبرامج السياسية ومنها الاقتصادية، زاد على كلّ هذا الوضع الوبائي المستفحل في كل المناطق من جرّاء انتشار فيروس كورونا خاصّة أمام عجز الدولة اللوجستي والمالي والبشري على تطويقه. وفي هذا الظرف ورغم كلّ المؤشّرات التي تدلّ على حجم الكارثة والخاصّة الاقتصاديّة يصدر صندوق النقد الدولي توقّعات بتعافي الاقتصاد التونسي بداية من العام المقبل 2021، ولكنه لم بيّن كيفيّة التعافي من الأزمات التي تتراكم: جوع، وفقر، وبطالة، وتسلط، وفساد، ومديونية، ومصائب عظمى، وأمراضٌ فتاكة…؟
رئيس الحكومة “هشام المشيشي” في أول حوار تلفزي له يوم الأحد 18 أكتوبر الجاري يقول: إن العجز في الميزانية المالية لسنة 2020 وصل إلى 14 في المائة وأنّ تعبئة الموارد المالية لميزانية سنة 2021 سيتمّ من خلال مواصلة الإصلاح الجبائي والاقتراض من الجهات المانحة، كما أشار في حواره بأن “الحالة المالية العمومية صعبة جدا وبأن الحلول لا بد أن تكون من خارج الصندوق”،
بمعنى أنّه جاء لرئاسة الحكومة من أجل تغيير النهج الخاطئ الذي تسلكه البلاد،
والسؤال هل مواصلة رئيس الحكومة لسياسة الاقتراض من صندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوروبي يعد تغييرا أم هو استمرار للنهج الخاطئ الذي أغرق البلاد في بحر لجي من الديون المتراكمة؟ فالإصلاحات التي يفرضها الصندوق بمزيد من الاقتراض هي في الأصل حزمة مسمومة ملغومة تؤدي في نهاية المطاف إلى تجويع العباد وتركيع البلاد، وهل إنعاش الاقتصاد سيكون باقتطاع جزء من مال الأجراء وإعطائها للأغنياء…؟
لست بالخبّ والخبّ لا يخدعني
إن الخروج من كل أشكال الهيمنة الاستعمارية التي تمارس علينا، تحت مسميات شتى من قروض وغيرها، هو بالوقوف ضدّ تهالك الحكومة على أعتاب صناديق المال الدولية، فبالرغم ممّا تجنيه البلاد من ويلات الالتزام بسياسات الصندوق القاتلة، إلا أن المسؤولين في الدولة يؤكدون على الدوام التزامهم الكلي بما يمليه الصندوق.
فالحكومة – برئاسة المشيشي لا تملك من أمرها شيئا، وهي عمياءكسابقاتها على إدراك أنّ الأزمة هي في النظام الرأسمالي نفسه، وأنّ الواجب اجتثاثه من قواعده وأسسه وأنّ صندوق النقد الدولي هو ذراع الرأسماليّة الاستعماريّة الباطشة، بفرض شروط قاسية على البلدان التي تطلب قروضاً، ويلزمها بتنفيذ حزمة من الإجراءات التي تدمّر الاقتصاد وهي تؤدي بدورها إلى ارتهان إرادة البلدان المقترضة إلى مشيئة البلدان والمؤسسات الدولية الدائنة وتتسبّبفيصناعة الفقر والعوز والتخلّف. فالواجب إذن البحث عن حل صحيح، ما دام ترقيعه لا يجدي نفعاً، حيث اتسع الخرق على الراتق، ولكنّ الحكومات المتعاقبة استمرت في إخفاء ما يعلمه الجميع في تونس وغيرها من أنّ النهج الذي يتبناه الصندوق على صعيد الاستدانة الخارجية، يجبر البلدان المدينة على التخلي عن الدعم المالي للسلع الضرورية للحياة التي تشكل القوت اليومي للناس، ويلزمها كذلك بتخفيض عملتها النقدية مقابل العملات الأجنبية كي تصبح المواد الخام والسلع الأخرى المصدرة إلى الخارج بأقل ثمن، كما يلزم البلدان المقترضة بتقليص الإنفاق على القطاعات الخدمية كالصحّة والتعليم والنقل وزيادة الضرائب، ومع ذلك فهي اليوم تبشيرنا بالأسوأ.
فإلى متى نظل تحت براثن الاستعمار؟
إنّ الإسلام يقدم لنا نظاما ينبثق من عقيدتنا، وأحكامه ربّانيّة قادرة على توفير الحياة الاقتصادية العادلة الخالية من الأزمات في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة، وإنّ حزب التحرير الرّائد الذي لا يكذب أهله، يجدد دعوته خاصة لأهل الفكر والرأي بأن يلتفتوا لهذا البديل الحضاري، بدل أن يبحثوا عن تعديلات لما هو قائم.
فإن الطريق الوحيد لإيجاد حياة آمنة مستقرة وتحقيق سلام عادل يطمئن فيه الناس وتقام فيه الحقوق هو إيجاد أساس صحيح للحياة وهو الإسلام، ولا سبيل إلى ذلك إلا باستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
فإن الطريق الوحيد لإيجاد حياة آمنة مستقرة وتحقيق سلام عادل يطمئن فيه الناس وتقام فيه الحقوق هو إيجاد أساس صحيح للحياة وهو الإسلام، ولا سبيل إلى ذلك إلا باستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.