انتخابات الجزائر: حل أم إعادة إنتاج لنفس النظام؟

انتخابات الجزائر: حل أم إعادة إنتاج لنفس النظام؟

أجريت يوم السبت الموافق ل 12 جوان 2021 في الجزائر انتخابات برلمانية هي الأولى منذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فيفري 2019.

وتنافس في الانتخابات 1483 قائمة انتخابية، منها 646 قائمة حزبية و837 قائمة لمرشحين “مستقلين”، فيما يبلغ عدد المقاعد 407 مقاعد، وبلغت نسبة المشاركين 30.2 بالمائة من الذين يحق لهم التصويت وعددهم 24 مليوناً.

محاولات احتواء الحراك الثوري

تأتي هذه الانتخابات ضمن سلسلة من الإجراءات التي تقوم بها الحكومة لإحباط الحراك الثوري الذي أطاح بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ليخلفه عبد المجيد تبون في نهاية العام 2019 في سياق إجراء انتخابات رئاسية مسرحية رفضها الحراك آنذاك، بعدما أسقط في وقت سابق مبادرات ما يسمى بالحوار الوطني.

فالانتخابات البرلمانية تمثل فصلا من فصول محاولات احتواء الحراك الثوري والاحتيال عليه طيلة عامين من الألاعيب الدستورية والقانونية، على أمل اكتساب شرعية دستورية كاملة لنظام الحكم الذي أعاد إنتاج نفسه من خلال هذه الانتخابات وباستخدام أحزاب وقوى مُتعطشة للسلطة تمنحه الشرعية، وتسدل الستار على إرادة التغيير الشعبية الجادّة التي انطلقت من خلال الحراك الذي أسقط بوتفليقة.

لذلك فقد قاطع الانتخابات أنصار الحراك الشعبي، بينما أيّدتها الأحزاب الموالية للحكومة والأحزاب المحسوبة على التيار الإسلامي وهي حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية وحركة البناء الوطني وحركة الإصلاح.

إعادة إنتاج نفس النظام

ووفقا للنتائج المؤقتة التي أعلنها رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات البرلمانية فقد حل حزب جبهة التحرير الوطني في المرتبة الأولى للانتخابات التشريعية بـ105 مقاعد من أصل 407 بالمجلس الشعبي الوطني، متبوعا بحزب الأحرار بـ78 مقعدا وحركة مجتمع السلم بـ64 مقعدا والتجمع الوطني الديمقراطي بـ57 مقعدا وجبهة المستقبل بـ48 مقعدا وحركة البناء بـ40 مقعدا.

من الواضح الذي لا يخفى على أي سياسي حصيف أنّ الذين شاركوا في الانتخابات هم غالبية الأحزاب (الوطنية) و(الإسلامية) التي كانت جزءاً من نظام بوتفليقة البائد، فهي نفس القوى التي كانت قد أسندت نظام بوتفليقة من قبل، وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بأنّه لا يُمانع من تسلم الحركات المحسوبة على التيار الإسلامي رئاسة الحكومة إن هي فازت بالأغلبية، فإذا كان بوتفليقة يمنح هذه الحركات بعض الحقائب الوزارية في حكومته، فإنّ تبون أكثر كرماً معها فهو يريد أن يمنحها رئاسة الحكومة إن استلزم ذلك بهدف إنهاء الحراك الجماهيري.

لذلك فإن مشاركة الحركات الإسلامية في الانتخابات وقبولها بأنْ تبقى أدوات رخيصة يستخدمها النظام لتجميل صورته القبيحة، يمثل جريمة ما بعدها جريمة.

الانتخابات أداة لتركيز النظام وليس لتغييره

فالعملية الانتخابية لا يمكن أن تحدث أي تغيير جذري للنظام القائم، وإنما هي فرصة للنظام الديمقراطي الفاسد تمكنه من إعادة إنتاج نفسه وتبديل جلده مع الحفاظ على لبه وجوهره. وان أقصى ما يستطيع النواب فعله في ظل النظام القائم والدستور، وفي ظل التسلط والقهر والتبعية هو إصلاح جزئي للأوضاع، وترميم التالف منها مع عدم المساس بالدستور, وبالتالي تكون هاته الانتخابات وسيلة لتثبيت النظام وليس لتغييره، وهذا مخالف للشرع قطعا.

التغيير على أساس عقيدة الأمة

لذلك فإن شباب حزب التحرير في تونس يناشدون قادة الثورة في الجزائر الحبيبة وأهل القوة أنْ يلتفوا حول مشروع التغيير الحقيقي الذي يقدمه لهم حزب التحرير، وهو مشروع الإسلام العظيم، المشروع الوحيد الذي يضمن التخلص من النفوذ الاستعماري الغربي، وهو فقط الذي يضمن تطبيق أحكام الإسلام وعدله على الناس، لتكون تونس والجزائر نقطة ارتكاز لدولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

الدكتور الأسعد العجيلي، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – تونس

CATEGORIES
TAGS
Share This