دراجات السفارة البريطانية، وأمن البلاد

دراجات السفارة البريطانية، وأمن البلاد

في الوقت الذي أربك فيه الرئيس قيس سعيد الحياة السياسية، بإجراءاته التي اتخذها يوم 25 جويلية، وتفاسيره الخاصة للفصل 80 من دستور “المجلس التأسيسي”، حتى لم يعد الملاحظ يستطيع أن يتابع مواقف مختلف الفرقاء السياسيين المرتبكة، من إجراءات الرئيس، بين فلا هو جلى “إصلاحاته السياسية ” أو حتى مارس الرعاية بمفهومها المعتاد بعد أن أمسك بكل مقومات السلطة، حتى يكون لمختلف الفرقاء السياسيين موقفا منها، ولا هو أقنع عامة الناس بأن في نهاية النفق فسحة للأمل والرجاء بتحركاته وخطاباته التي لم تكشف عن حنكة وحكمة قيادة قائد، وإنما ملاحقات مضطربة لهنات لا ترتقي إلى مستوى الأزمة التي تعصف بالناس اليوم

  في هذا الوقت الذي وضعت فيه البلاد على حافة المجهول المنذر بأخطر العواقب، وحياتها السياسية التي علقها قيس سعيد على قرار لا يوجد إلا في ذهنه هو، وتشوُّف مؤيدي “إجراءاته الاستثنائية” ومعارضيها، على السواء، إلى حدود “الإشعار الآخر” الذي أعلن عنه، تنفرد السفارة البريطانية في تونس بتنفيذ باقي بنود أجندتها المسطرة، بكامل هدوء صقيع الشمال. فبعد جملة الاتفاقيات التي عقدتها السفارة البريطانية مع مختلف الوزارات في تونس وعلى رأسها رئاسة الحكومة لإعادة هيكلة مصالحها، وكذلك تدريب  كبار ضباط الداخلية، ومنها  تحديد العقيدة الأمنية لبلادنا، وبعد تدشين السفيرة البريطانية السابقة “لويز دي سوزا “.لجملة من المراكز الأمنية في بلادنا، يأتي اليوم خلفها “أوكدن” ليشرف يوم 1  سبتمبر 2021 على حفل تسليم درّاجات رباعية الدفع في شكل هبة لوزارة الداخلية ” لزيادة التعاون الأمني”، أقيم في المدرسة الوطنية لتكوين إطارات الامن الوطني والشرطة الوطنية بصلامبو. نعم السفارة البريطانية تتبرع بدراجات نارية، ليضعها  السفير البريطاني كدليل على التعاون الأمني الوثيق بين المملكة المتحدة وتونس، “لأن كلا البلدين يعيدان البناء بشكل أفضل نحو التعافي الاقتصادي وعودة السياحة”. عن أي بناء وتعاف اقتصادي يتحدث عنه السفير البريطاني وكل الحياة السياسية خارج إرادتنا وقد زادها رئيس الدولة وهنًا بأن فتح لكل طامع بابا للولوج تحت عنوان التباكي على الديمقراطية. ثم إن السفير البريطاني لم ير حرجا في الحديث صراحة عن أن “عمل المملكة المتحدة مع قوات الأمن التونسية في المطارات والفنادق وعلى الشواطئ (التونسية طبعا)، سيساعد في الحفاظ على سلامة المواطنين البريطانيين والتونسيين.” إلا أن لقاء السفير البريطاني بوزير الخارجية عثمان الجرندي   لتناول الأوضاع فيما بعد إعلان المسار “التصحيحي ” يلقي مزيدا من الضوء  على اللحظة التي تمر بها البلاد. إذا بلغ العبث بأمن التونسي أن تسهم فيه الدراجات النارية للسفارة البريطانية وتتحدد بموجبه دور بلادنا في العلاقات الخارجية فقد بلغ الخطر مداه ووجب كف يد العابثين بالبلد وأهله.

أ, عبد الرؤوف العامري

CATEGORIES
TAGS
Share This