بريطانيا تعض على مصالحها في تونس بالنواجذ
بعد غياب إعلامي واختفاء عن الأنظار لممثلي السفارة البريطانية في تونس طيلة أشهر وخاصة منذ الإعلان عن مسار 25 جويلية من قبل الرئيس قيس سعيد، كان للمقيمة العامة البريطانية الجديدة “هيلان وينتارتون” أول ظهور إعلامي اختارت أن يكون عبر إذاعة “ديوان أف أم” ليستضيفها عضو غرفة التجارة التونسية البريطانية محمد علي عبودي الذي التحق بدوره بهذه الإذاعة في خطها الإعلامي الجديد.
خلال هذا اللقاء، ركزت سفيرة بريطانيا في تونس “هيلان وينتارتون” التي حرصت على مخاطبة المستمعين باللغة العربية على أربع نقاط:
أولا: التزام بلادها بالتعاون مع الحكومة التونسية لإنعاش اقتصادها الذي تأثر بجائحة كورونا وتعرض لضائقة اقتصادية، موضحة أنه تم تخصيص 2.5 مليار جنيه إسترليني لتمويل الصادرات عن طريق الضمانات المصرفية والاقتراض المباشر لصالح الشركات التونسية أو للحكومة. بعبارة أخرى، هو توريط للشركات وللحكومة التونسية على حد سواء عبر قروض جديدة تحت عنوان المساعدة.
ثانيا: العمل على تطوير التبادل التجاري بين البلدين؛ خاصة بعد فترة الخروج من الاتحاد الأوروبي، في عدة مجالات ومنها رفع حصة تونس من الكميات المصدرة من زيت الزيتون المعفاة من التعريفة الجمركية لتصل 8 آلاف طن سنويًا.وهكذا تحصل بريطانيا على زيت الزيتون من النوع الرفيع بأسعار تفاضلية ضمن الاتفاقية التي عقدت مع تونس عقب البركسيت، ثم يترك لباقي الشعب أن يبحث عن نصيبه من الزيت ضمن رحلة بحثه عن سائر المواد الأساسية.
ثالثا: التأكيد على أن بريطانيا كجزء من المجتمع الدولي، ستتعاون مع الحكومة التونسية لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية المرتقبة، في إشارة إلى ما يطلبه صندوق النقد الدولي، وذلك لتشجيع الاستثمار وخلق فرص عمل جديدة، مشيرة إلى أن بريطانيا تأمل أن تقوم هذه الإصلاحات على مشاريع صديقة للبيئة تكتسب فيها الشركات البريطانية الخبرة الكافية.هذه النقطة أيضا، تعكس بوضوح الحرص على مصالح بريطانيا لا على مصلحة تونس.
رابعا: وهي أهم نقطة في هذا اللقاء، فتتعلقبالقمة البريطانية الإفريقية في نسختها الثانية، حيث قالت هيلان إن القمة ستقام عن بعد بسبب الجائحة الوبائية، وستجمع آلاف المستثمرين بهدف دفع استثمار بريطانيا في دول المنطقة وربط العلاقة بين المستثمرين البريطانيين مع فرص الاستثمار بالدول الإفريقية.
وسيركز المؤتمر هذه السنة بحسب السفيرة على النمو المستدام من خلال العديد من القطاعات ومساعدة الدول الإفريقية على الانتقال إلى الاقتصادات الصديقة للبيئة والاستثمارات المستدامة.
خلاصة القول إذن، أن بريطانيا التي تنهب خيراتنا من الغاز الطبيعي لعقود، والتي لم يفتح بعد ملف تدخلها المباشر في شؤون البلد، وفي وزارات يفترض أن تكون سيادية، ماضية في اعتبار تونس مجرد حديقة لخفية لها، وبوابة للعبور نحو القارة الإفريقية بما يخدم مصالحها الاقتصادية، بل كل نقطة من هذه النقاط الأربعة كفيلة باعتبار الحكام السابقين واللاحقين مجرد خدم وعبيد لدى أسيادهم المستعمرين، ولذلك فإن كل الحلول والبرامج المقترحة من قبل السفارة البريطانية تحت عنوان التعاون والمساعدة، ليست سوى حلولا لأزمات مالية واقتصادية تعيشها بريطانيا عقب خروجها من الاتحاد الأوروبي، لهذا نجدها حريصة في بلدنا على تشغيل شركاتها واستيراد مستحقاتها وتوفير حاجياتها والبحث عن أسواق جديدة لتسويق خبراتها، وهي نفس السياسة المعتمدة مع بقية دول الشمال الإفريقي، عسى أن تنجح هذه السياسة الاستعمارية في إنقاذ الاقتصاد البريطاني، الذي تنافسه دول كبرى في الاستحواذ على هذه المنطقة وعلى خيراتها.
إنه لمن الخزي والعار أن يفتح وكلاء الاستعمار الأبواب على مصراعيها لكل من هب ودب من القوى الغربية المتربصة بالبلاد والعباد، لتخترق النسيج الاجتماعي والاقتصادي تحت عناوين الإنقاذ والمساعدة، في الوقت الذي يباشر فيه العملاء سياسة التدمير الممنهج تمهيدا لتدخل أسيادهم من وراء البحار. والأصل أن تحاسب بريطانيا على جرائمها في حق المسلمين، لا أن يسخر لها النظام الفاسد في تونس أبناء الجيش ليصبحوا مجرد عسس على حقول الغاز والنفط التي تباشر نهبها منذ عهد الطاغية بن علي.
ولذلك لن ينهي حالة الارتهان والتبعية المذلة للكافر المستعمر أيا كانت جنسيته، سوى دولة الخلافة القادمة قريبا بإذن الله، فهي المشروع الحضاري الوحيد القادر على مجابهة الاستعمار وطرده من بلادنا، فملّة الكفر واحدة، بل لن تقوم لنا قائمة إلا بإتمام الثورة بالإسلام ورد تونس إلى حضن الأمة الدافئ، بعد أن مزق الاستعمار جسدها وقطعت أوصالها.
إن أمتنا قادرة على امتلاك أمرها واستعادة هيبتها وحماية مقدراتها وقطع كل يد تفكر بالامتداد لأخذ شبر من أرضها؛ فهي تملك الطاقة البشرية والمادية الروحية والقيادة المخلصة الحكيمة؛ حزب التحرير القائد الذي لا يكذب أهله، فهو لم يخذل أمته ولا خدعها يوما منذ اضطلاعه بالقوامة على حسها وفكرها؛ قال لها بكل صدق وإخلاص إن سبب ضياعها هو هدم دولتها دولة الخلافة التي بضياعها غاضت أحكام ربها من الوجود، وتعرضت لسخطه تعالى على ما فرطت فيه من أمر ربها. وإن استعادة مجدها لن يتم إلا إن أعادت دولتها التي تحكم شرع ربها وتحمله رسالة هدى ونور للعالمين، وهو قادر على قيادتها لتحقيق هذه الغاية النبيلة بإذن الله.
وعليه فإن خير رد على أطماع الدول المستعمرة في بلادنا وخيراتنا هو العمل مع حزب التحرير لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوةوالالتحاق سريعا بقافلتها، فهي الحامية لحياضنا، الراعية لشؤوننا بأحكام شرعنا الحنيف.
قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون”. الأنفال – 24.
م, وسام الأطرش
CATEGORIES محلي