تونس ليست جزء من الفضاء الأوروبيّ، بل هي جزء عزيز من أمّة الإسلام العظيم
تسارعت الأحداث في الأسبوع الأخير في تونس، وتصدّرت وسائل الإعلام عناوين:
مكالمة الرئيس الفرنسي لقيس سعيّد بالهاتف، مع كلام كثير عن زيارة ليليّة سريّة قام بها الرئيس سعيّد إلى فرنسا ليقابل هناك الرئيس الفرنسي، لمدّة أربعين دقيقة، ومن ثمّ جاءت الأخبار باستقالة مديرة الدّيوان الرئاسي ” نادية عكاشة” أو إقالتها، وبدأت التسريبات بتغييرات قد تطال الحكومة فمنها ما قال أنّ التغييرات ستشمل رئيسة الحكومة “بو دنّ” ليخلفها توفيق شرف الدّين ومنها ما روّج أنّ التغيير سيكون فقط على مستوى الوزراء، إذ سيحلّ توفيق شرف الدّين محلّ وزيرة العدل الحاليّة، وسيتمّ تعيين لطفي ابراهم على رأس وزارة الدّاخليّة….
هذا مع إعلان المعارضين لقيس سعيّد عن جملة من الإجراءات منها اجتماع البرلمان افتراضيّا، (احتفالا بالدّستور) ومنها التحضير لاحتجاجات ضدّ الانقلاب، وآخرون أعلنوا عن تنسيق بين مجموعة من الأحزاب للبدء في حوار وطنيّ ولو بدون مشاركة الرئيس قيس سعيّد…
غليان السياسيّ يوهم بأنّ في تونس كتلتين سياسيّتين متصارعتين، حكّام في مقابل معارضة كانت في الحكم وتريد أن تعود إليه. ويوهم أنّ هناك مشروعين مختلفين لتونس: مشروع الرئيس ومشروع المعارضين،
والسّؤال هنا: من يحكم تونس ويقرّر مصيرها؟
الحقيقة الماثلة للعيان أنّ المتحكّم في تونس هو المستعمر الأوروبي خاصة بريطانيا وفرنسا مع محاولات أمريكيّة بارزة.
نقول ذلك لا من باب المزايدة أو الخصومة الرخيصة، إنّما نقوله تذكيرا بحقائق يراها الجميع كلّ يوم.
– والكلّ يعلم عن صولات السّفراء في مكاتب الوزراء، فوزارة الدّاخليّة مثلا شهدت في الأيّام الأخيرة زيارة 3 سفراء، ألمانيا وفرنسا وأمريكا، لماذا؟ هل وزارة الدّاخليّة جزء من الفضاء الأوروبي أو الأمريكي؟ وهل وزير الدّاخليّة واحد من رعاياهم؟ لماذا كلّ هذه الزّيارات؟ وهل لها من علاقة بما تسرّب عن تغييرات في الحكومة؟ هل سيكون توفيق شرف الدّين هو رئيس الحكومة المقبل؟ أم إنّ السّفراء سيكتفون بتغييرات طفيفة ليجعلوه في وزارة العدل، ويجعلون لطفي ابراهم وزيرا للدّاخليّة؟
– مكالمة الرئيس الفرنسي يوم السبت 22/01/2022 لقيس سعيّد، ليطلب منهتنفيذ مرحلة انتقالية “جامعة” (هكذا) نعم الرئيس الفرنسي يتكلّم بلهجة الآمر النّاهي ويتدخّل بوقاحة في تونس ويكلّم رأس السّلطة فيها. ويملي عليه ما يجب عليه فعله.
فبماذا أجاب قيس سعيّد الرئيس؟ هل أغلق في وجهه الهاتف؟ هل طلب منه عدم التدخّل في شؤون تونس؟ لا بل كان جوابه فضيحة، أجاب بأنّ “ما يُشاع في بعض وسائل الإعلام وفي عدد من وسائل التواصل الاجتماعي لا علاقة له إطلاقا بالواقع، والكثير من الأطراف المناوئة للديمقراطية وللحرية وللعدالة آذانا صاغية في الظاهر ولكن هذه الآذان التي تُشيع الأكاذيب والمغالطات مقابل مبالغ مالية كبيرة هدفها الإساءة لتونس وللشعب التونسي. وأنّ الذين يقدمون أنفسهم ضحايا للاستبداد هم الذين يريدون العودة إليه، بل ويتآمرون…” ليأتيه جواب الرئيس الفرنسي فيه شيء من التطمين بدعم تونس ومساندته لها خاصة في المجال الاقتصادي، وعبّر عن تفهّمه لعديد القضايا والصعوبات التي تمر بها تونس.”
هكذا هو المشهد المخزي المجلّل بالعار، رئيس فرنسا الصليبيّة المجرمة يرفع سمّاعة الهاتف ليؤنّب الرئيس فيقابله رئيس تونس بالشكوى من المعارضين نعم #رئيس_تونس يشتكي من شعبه لرئيس فرنسا، فهل هذا رئيس؟ أم هو مجرّد موظّف يؤدّي ما يُطلب منه فإذا عجز أو فشل يقدّم الاعتذارات ويتعلّل بالشّكوى من أنّ باقي الموظّفين لا يطيعونه. ليكون السؤال المشروع: هل يحكم قيس سعيّد تونس؟ هل هو الحاكم الفعلي؟ والجواب قطعا لا.
– وإذا كان الرئيس لا يرأس ولا يحكم وتأتيه المكالمات من وراء البحار معاتبة زاجرة، فهل كانت نادية عكاشة مديرة ديوان رئيس؟ أم هي مساعد لموظّف المأمور من وراء البحار؟ فهل سيكون لاستقالتها من أهميّة سوى أنّها مجرّد موظّف فشل أو عجز عن أداء مهامّه فأقيل أو استقال لا فرق؟
– وفي المقابل مشهد آخر يدعو إلى الضحك (ولكنّه ضحك كالبكاء) احتفال بعيد ميلاد دستور 2014 العلمانيّ الذي وضعه “خبراء الغرب نوح فلدمان وإخوانه أو أخواته..”، احتفال مأتم كان لطميّة ونواحا، على الدّيمقراطيّة العليلة والدّستور الكسيح، والعجيب الغريب أنّ المجتمعين كثير منهم عبّر عن استعداده لقبول تغييرات فيه بل تغييره كلّه إن لزم الأمر، بما يعني أنّ الاحتفاليّة البرلمانيّة لم تكن إلّا تعبيرا عن ولاء للفكر الغربيّ وللعلمانيّة والاستعداد الدّائم لخدمة أسياد ما وراء البحار. نعم اجتمع البرلمان (الميّت الحيّ) ليحتفل أو ليلطم دستورا (ميّتا حيّا هو الآخر) ليُعلن ولاءه للدّيمقراطيّة ويثبت للمستعمرين أنّه لم يغيّر أو يتغيّر وأنّه على استعداد لتنفيذ ما يُطلب منه هو الآخر.
– مشهد آخر وفي نفس الأسبوع، من وراء البحار يصدر تقرير مجموعة الأزمات الدّوليّة، ليلطم هو الآخر ويبكي وينوح على تونس وعلى ديمقراطيّتها، #تقرير_مجموعة_الأزمات_الدولية أدرج تونس ضمن قائمة يسميها “قائمة المراقبة”للعام 2022، ضمت عشر دول، “تواجه صراعات مميتة أو حالات طوارئ إنسانية أو أزمات أخرى”.، وبعد أن عدّد التقرير مآسي تونس وأزماتها، تحدّث عن تونس باعتبارها تابعة للفضاء الأوروبي والمتوسّطيّ، وبناء عليه فقد أكّد #التّقرير أنّ أوروبا لن تتخلّى عن تونس الدّيمقراطيّة النّاشئة.. وعدّد مجالات التدخّل. في الترتيبات السياسيّة والخطوات الاقتصاديّة.
تقرير مجموعة الأزمات الدّوليّة هذا يؤكّد عمق التدخّل الأجنبي في تونس الذي بلغ حدّ إعلان الوصاية، وهو تقرير يذكّر بتّقارير #الكوميسيون_المالي في القرن التّاسع عشر وتقارير القناصل الأوروبيين في ذلك الزّمن، وكأنّ الزّمان دار دورته وعاد الاستعمار إلى بعض أساليبه القديمة، تقارير مفصّلة عن البلاد تفضح تغلغل الأجانب في مفاصل الدّولة ومن ثمّ يصدرون تقريرا عن حالة البلاد تتلوه تدخّلات مباشرة بذريعة عجز الدّولة، وضرورة التدخّل، وليس تقرير البنك والصّندوق الدّوليين ببعيد وظاهر منهما اللّهجة المتعالية المتعجرفة الآمرة الزّاجرة.
والعجب هنا ليس من هؤلاء الأجانب فهم أعداء متربّصون، لكنّ العجب كلّ العجب من الرئيس الشاكي شعبه لعدوّه ومن برلمان حيّ ميّت لا يدّخر جهدا في تقديم الولاء لأعداء شعبهم. ومن أحزاب هزيلة عليلة تدّعي حبّ تونس وأهلها وهي تمجّد إجرام بورقيبة وبن علي وتُظهر الشّماتة بشعب تونس على ثورته.
تونس جزء من الفضاء الأوروبيّ!، بل هي جزء عزيز من أمّة الإسلام العظيم
لا #تونس ليست جزء من أوروبا بل تونس جزء عزيز من #بلاد_الإسلام، ومنها انطلقت ثورة عمّت كلّ الأمّة الإسلاميّة لأنّها جسد واحد دبّت فيه الحيويّة واستفاق شباب المسلمين في كلّ البلاد الإسلاميّة يريدون استرداد بلادهم وأمّتهم الواحدة، وكان الشّعار العظيم “إسقاط النّظام”. الذي تصدّت له الثّورة المضادّة بألاعيب الدّيمقراطيّة والانتخابات التي أعادت أركان النّظام القديم، وأعادت سطوة المستعمرين.
ولأجل ذلك، يتأكّد مرّة أخرى أنّ #قضيّتنا هي #تحرير_بلادنا ومن ثمّ #تسييرها_بشرع_ربّ_العالمين حتّى نكون دولة حقيقيّة السيادة لله وحده والسّلطان فيها للمسلمين يختارون من بينهم من يطبّق فيهم أحكام الإسلام العظيم.
أ, محمد الناصر شويخة