تونس دولة مستقلّة ذات سيادة … حديث خرافة, 12 ماي في ذكرى “الجلاء الزراعي”، النّظام يصنع الجوع

تونس دولة مستقلّة ذات سيادة … حديث خرافة, 12 ماي في ذكرى “الجلاء الزراعي”، النّظام يصنع الجوع

الزيادات المشطّة في أسعار العلف 

أعلنت الحكومة زيادة في سعر العلف بنحو 300 دينار للطن الواحد من الأعلاف المركبة، أي بمقدار 15 دينار لكيس العلف بوزن 50 كلغ، فأصبح سعره عند الشّراء بـ79,500 دينارًا.

الفلّاحون يحتجّون ويصرخون فهل من مجيب؟؟

ومن جرّاء هذه الزيادات الظّالمة، تصاعدت احتجاجات مربي الدواجن والمواشي ومنتجي الحليب في مناطق كثيرة من تونس وخاصة في ولايات المهدية وجندوبة وبنزرت وصفاقس والمنستير.

وبلغت الاحتجاجات أوجها يوم الاثنين 9 ماي 2021 في عدة جهات من بينها ولاية المهدية التي تعمّد فيها منتجو الحليب ومربو الأبقار سكب كميات من الحليب أمام مقر الولاية ورفعوا شعارات تطالب بالتراجع عن الزيادات المشطّة في العلف التي أعلنتها الحكومة الأيام الأخيرة، وأغلق الفلاحون من مربي الدواجن الطرقات الرئيسية في عدة مناطق فلاحية وتصاعدت تحركاتهم لعلّ السلطات تتراجع عن الزيادات المعلنة في الأسعار. 

وأمام معتمدية الساحلين من ولاية المنستير، وقف عشرات الفلاحين محتجّين مطالبين الحكومة بالترفيع في سعر الحليب من جديد بعد الزيادات الأخيرة. وقد بدت عليهم علامات الحيرة من مستقبل القطاع الذي يعاني من مشاكل متراكمة.

تصريحات وزير الفلاحة … العجز 

طلع علينا وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية محمود إلياس حمزة، يوم الثلاثاء 10/05/2022، في القناة الوطنية، ليقول أنه سيقع مراجعة سعر البيع الحليب والبيض والدجاج من أجل ضمان هامش الربح بالنسبة للمنتج. وأنّه سيقع اعتماد هذه الزيادات بداية من يوم 12 ماي الجاري، بمناسبة ذكرى الجلاء الزراعي. ودعا الوزير المواطنين إلى تفهم هذا القرار ومساندة الفلاح التونسي في هذا الوضع الدقيق. وأرجع حمزة غلاء أسعار المواد الأولية في تونس إلى الحرب في أوكرانيا.

التّحرير:

الفلاحة في تونس تنهار، والفلّاحون مهدّدون في قوتهم والوضع الاقتصادي يسير بهم إلى الإفلاس، وقد يضطرّون إلى بيع أغنامهم بسبب تعجيزهم عن مجابهة التكاليف المرتفعة. 

فإذا انهارت الفلاحة في تونس فماذا بقي إلا المجاعة؟ نعم المجاعة، لأنّ الفلّاح غير قادر على الإنتاج، وإن بقي لبعضهم شيء من قدرة فستكون الأسعار خياليّة لن يقدر النّاس معها على الشّراء. 

فإلى أين؟ 

أمّا الحكومة فماذا تفعل؟ 

الوزير، يطلبُ من النّاس الصّبر والتّفهّم، (هكذا) التفهّم والصّبر وهو يتحدّث مفتخرا بالجلاء الزّراعي، أليس هذا عجيبا غريبا؟ الجلاء الزّراعي يعني تحرير الأرض من مستعمرها، وعودتها إلى أهلها لينتجوا وليترفّهوا، لكن هل تحرّرت الأرض هل تونس مستقلّة فعلا؟؟ 

حديث الاستقلال حديث خرافة، يكذّبه الواقع 

تستورد تونس حوالي 80% من حاجاتها من القمح من الخارج وبخاصّة من روسيا وأوكرانيا، وباندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا فقد أصبحت تونس من الضحايا غير المباشرين لهذه الحرب، وتهدد خبز التونسيين من حيث الوجود ومن حيث السّعر، وعلى الرغم من إعلان وزارة الفلاحة بأن كمية القمح آمنة حتى نهاية هذا العام إلا أن سعر القمح قد ارتفع بشكل كبير بسبب الحرب في أوكرانيا وتعطل التصدير من روسيا وأوكرانيا. وارتفاع أسعار القمح هو أولى الغيوم السوداء! وأدّت العقوبات الغربية على روسيا إلى ارتفاع أسعار الشحن والنفط، فكان من الطّبيعي أن ترتفع أسعار المحروقات ومن ثمّ ترتفع أسعار كلّ شيء ارتفاعا جنونيّا ممّا يزيد في إرهاق ميزانية الدولة التي يرهقها أصلاً الفساد وسوء التدبير الحكومي، فارتفعت أسعار الأعلاف للدواجن والماشية والأسمدة بشكل كبير عالمياً بعد تعطل توريدها من روسيا أو لأن إنتاجها عالمياً خاصة في أوروبا يعتمد على الغاز من روسيا، فكان من الطّبيعيّ أن ترتفع أسعار الأعلاف بكيفيّة غير مسبوقة حتّى صار الفلّاح في تونس على أبواب العجز عن الإنتاج وصار طعام التونسيين يتهدّده خطر الوجود أصلا. 

النّظام في تونس الذي لا ينفكّ يتفاخر بالاستقلال ويحتفل بالجلاء الزّراعي، يقود تونس إلى المجاعة وذلك ليس لأنّنا نعيش في صحراء قاحلة أو أنّ الأرض الصّلحة للزراعة قليلة لا تكفي، وليس بسبب الجفاف أو نقص الأمطار، وليس بسبب قلّة كفاءة الفلّاحين. السبب في ذلك التبعيّة الذّليلة للغرب، بسبب النّهج الذي اختاره العلمانيّون في تونس منذ بورقيبة إلى قيس سعيّد كلّهم ساروا في نهج التبعيّة بوضعهم الأمن الغذائي لتونس تحت أياد أجنبيّة غربيّة.

فماذا ينقصنا في تونس لننتج أعلافنا؟ ماذا ينقصنا حتّى تزدهر الفلاحة، ماذا ينقصنا حتّى ننتظر طعامنا من الخارج؟ أين بذورنا التي ضيّعوها؟ الدّولة ومنذ بورقيبة تدعم السياحة والقطاعات الهامشيّة على حساب الفلاحة حتّى ساقوها إلى الدّمار. وصار شبح الجوع يُهدّد التونسيين.   

CATEGORIES
Share This