بعيدا عن السذاجة الإعلاميّة : حزب التحرير هو الوحيد الذي لم يخن أمّته
بعيدا عن السذاجة الإعلاميّة : حزب التحرير هو الوحيد الذي لم يخن أمّته
تشابهت عليها الكلمات فانقلبت عليها المعاني..حالة شاذة مُنخنقة حدّ البذاءة من أقلام وأبواق لا تخطّ إلا اعوجاجا عن سطور التاريخ والحقيقة. فهل هي حالة حقد على كل ما هو إسلامي مبدئي أم هو جهل بالحقيقة وأمية فكرية أم هي غير ذلك حمق وعمالة حضارية تتقرب إلى أربابها لعلها تحظى
عندهم بكرسي أو صك على بياض أو أن تكون عرابا في صف المغتربين..؟؟
هكذا تترى سهام وأصوات من لم تعلّمه الأيام وهكذا خاضت فحدثت وفكرت وقدّرت وخطّت وصنفت وأقصت وأوجبت ودعت وحرضت أبواق الفكر والتوجه العلماني المتستر واختارت أحط السبل وأكثرها إسفافا.. فالشيء من مأتاه لا يستغرب وكما قيل فأول خبث الماء خبث ترابه وأول خبث القوم خبث الجلائل.
إن كانت الوقائع لا تكذب فإن العين أكثر إنباء من الخبر. فحزب التحرير قد ولد من رحم الأمة, ونظام الخلافة أعرق من الدولة المدنية الرأسمالية. وحزب التحرير كما عرّف نفسه ليس حزبا دينيا كنسيا ولا هو حزب مدني إقصائي, بل هو حزب سياسي مبدؤه الإسلام.
من الجهل الفكري والسياسي أن لا يُفرق بين الدولة الدينية التيوقراطية والدولة الإسلامية البشرية و من لم يفقه بأغوار اللغة ليس عليه جناح في جهله..فالدولة الدينية التيوقراطية لم تعهدها حضارة الإسلام بل هي وليدة ثقافة الغرب الغريبة حيث نشأت الكنيسة والدولة الدينية في أوروبا.
نلفت النظر ونقول:
إنّ حزب التحرير هو الرقم الصعب الذي أقضّ مضاجع أعداء دولة الإسلام من عملاء ومن اصطف وراءهم.ولو كان رقما هينا فلماذا كل هذه الببغاوات الإعلامية وهذا الزخم والشغب والأقلام المتهافتة..؟؟ إنّ وجود حزب التحرير صاحب المبدأ الإسلامي في شارع الثورة لا يحتاج إلى استئذان. لأن الغريب فكرا وحضارة هو من يحتاج إلى طلب استئذان لبيت مهجور مُستوحِش، فكيف إذا كان البيت (تونس) معمورا وأهله مسلمين..؟؟
نعم كما زعمتم “لم يكن حزب التحرير يخفي هويته السياسية ومشروع دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة” بل زاد حزب التحرير على ذلك فهو الحزب الوحيد الذي كشف جهارا عن مشروعه السياسي غير متستر بعناوين ديمقراطية كاذبة. وهو المتفرد بطرحه لنظام اقتصادي ونظام اجتماعي وسياسة خارجية وسياسة تصنيع لدولة مبدئية قوية تملك أمرها.
قلتم: (ليس …يفترض.. إن المطلوب اليوم… يجب على الدولة..) وغيرها من الألفاظ المستفزة التي نصّبتم بها أنفسكم تارة مفترضين وتارة موجبين وأخرى موجهين..أهذه حرية التعبير الدعيّة عندكم أم هي موازين الدولة المدنية بشعارها “إما أن تؤمن بفكرتنا أو أن تكفر بما نحن به كافرون”..؟؟ فحتى الله صاحب الحق والأمر لم يكره الناس أن يكونوا مؤمنين -حيث قال تعالى “لا إكراه في الدين”.
أمّا مدنية الدولة المدسترة (في الفقه القانوني) فتشترط أن تكون أنظمة الدولة غير إسلامية (غير دينية) بوضوح -بفصل الدين عن الحياة- وفي تونس أي دين سيفصل عن الحياة، الدين المسيحي أم اليهودي أم دين أهل البلد دين الإسلام..؟؟ وعندما فصلتم الإسلام عن أنظمة الحياة والتشريع, بأي تشريع سوف يُحكم العباد..؟؟
نُعيد ونذكّر من كان له قلب وعقل: الدولة التي ندعو لها ليست بالدولة الدينية ولا هي بالدولة المدنية (التي تفصل الإسلام عن أنظمة الحياة) بل هي دولة بشرية دولة للمسلمين ولغير المسلمين لا أحد فيها فوق القانون فالسيادة فيها للشرع لا لزيد ولا لعمرو والسلطان فيها للأمة تختار حاكمها ولا تترك له حبل السياسة على الغارب بل تحاسبه من أول يوم نصبته فيه. ليس له حصانة ولا هو فوق القانون.
وأخيرا نتحداكم بسؤالين:
1- أن تفصحوا للناس عن طبيعة النظام الجمهوري والدولة المدنية التي تدعون إليها. ليس من حيث مأتاها وجذورها فذاك مفضوح بل من حيث بنيتها التي تفصل الإسلام عن النظام والحكم وشؤون الحياة العامة ولا تترك للناس إلا أن يختاروا بين السيئ والأسوأ.
2- أن تخيروا الشعب بين نظام إسلامي مأتاه الكتاب والسنة باجتهاد صحيح وبين نظام رأسمالي ديمقراطي تباع فيه ثروات العباد وتقصى ثروة الأمة التشريعية ويفصل الإسلام عن معترك الحياة بل ويلاحق من يسعى لاستئنافه في حياة الناس.
وختاما, إن تلك العناوين المحمولة على جهل وقد حرفت الكلم عن مواضعه بل وقلبت المعاني. لن تحول دون فكرة قد آن أوانها, ستلقى القبول في الأرض وسيرضى عنها ساكن السماء.
قال تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَاد).
أحمد شوشان