يا أهل تونس هذه الآيّام أيّامكم  … ونصيبنا من نصرة غزّة

يا أهل تونس هذه الآيّام أيّامكم  … ونصيبنا من نصرة غزّة

:رحم الله الإمام الشافعي وهو القائل

جَزَى اللهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ     وَإنْ كانت تُغصّصُنِي بِرِيقِي
وَمَا شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن    عرفت بها عدوي من صديقي

مثّلت أحداث غزة الجارية هذه الأيام، رغم مرارتها وقسوة وقعها على أهلنا في غزّة هاشم، معين نور، تجلت فيه حقيقة هذه الأمة، وبان فيه معدنها الأصيل. فغزّة، وكواهل أبنائها تحمل عن المسلمين اليوم ما تنوء به شواهق الجبال، قد وحّدت مشاعر أمة التوحيد حتى تمايزت عن عدوّها، وتبدّى وجهُها المشرق، وتردّد صوتها في الآفاق يعلن فجرها الصادق، فصدق فيها قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم ” مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمى”. وكذلك مثّلت هذه الأحداث غربالا أسقط كلّ خائن غريب عنها مالأ عدوّها، وانحاز إلى فسطاطه يثبّط منها الهمم، ويضلّلها عن سبيل الرشاد. إلاّ أنّ بروز كيانها وتجليته للعالم كله، ظل على مستوى المشاعر تفجّرها في وجه الحكام بعد أن انكشفت خياناتهم وتخاذلهم أمام عدوها. وظلت في وضعها الحالي تحتاج أكثر من أي وقت مضى أن يكون أمرها بيدها، وأن تستردّ إرادتها وقرارها. فعدوها كشف عن وجهه القبيح ولم يُخف لؤمه، وسلّ بكل صلف وعنجهية سخيمة نفسه

       فهذا بايدن يعلن دون مواربة، مهدّدا دول الشرق الأوسط، عملاءه ونواطيره الذين يحرسون هيمنة بلاده وعالمهم الكافر على بلداننا، من التدخل لتقديم الدعم وحماية قطاع غزة من القصف الإسرائيلي، مذكرا إياهم أنّ قواعده في الشرق الأوسط هي للردع، وأنها مسخّرة لخدمة إسرائيل. وهذا وزير خارجيته “بلينكن” لم يتردّد هو أيضا، من أن يعلنها بكل وقاحة “أنه لم يأت لإسرائيل كوزير لخارجية الولايات المتحدة فقط، ولكن كيهودي”. إلاّ أنّ السيناتور الأمريكي ليندسي غراهام، أعلن المكتوم ولم يبق شيئًا ممّا تتعامى عنه أبصار حكام منطقتنا ويحاولون التضليل عنه، فأعلنها مدوّية “نحن في حرب دينية”، وما على كيان يهود إلّا “تسوية الأرض”

      فأمريكا وهي تقتحم بلداننا بوارجها الحربية، وكل ما يقتضيه وجود تلك البوارج من دعم لوجستي، بعد أن ملأت أرضنا بقواعدها العسكرية، وبعد أن فرضت على الحكام ما تسميه باتفاقيات التعاون، والمعاهدات الثنائية، أضحت اليوم هي صاحبة القرار الأول في كل ما يجري بمنطقتنا، وهي التي تحدد لكل طرف دوره. هي رأس الكفر، وهي أصل الشر في عالم اليوم، فهي التي تعمل على وأد كل سعي مخلص لتحرير أمتنا من هيمنة الكفر والكافرين عليها، وسلبها إرادتها. وهي التي تعلن صراحة رفضها تقديم أي جهة الدعم والحماية لقطاع غزة من القصف الإسرائيلي. وما كان لكيان يهود أن يقترف كل تلك الجرائم في حق إخواننا في غزة لولا التواطؤ الأمريكي، انتقاما منهم لما يشكله إصرارهم على مقاومتهم لاحتلال الأرض المقدسة فلسطين من خطر على هيمنتها ونفوذها فينا

 وعلى هذه الحال، على كل عاقل أن يدرك أن الاكتفاء بالتعبير عن المشاعر، عما يجري في غزة، قد يرقى إلى مستوى الخيانة. ووجب إدراك أنه ما كان لأمريكا أن تبسط هيمنتها على بلداننا، وتسلبنا قرارنا، لولا تخاذل الحكام وتواطؤهم!! ووجب الانتباه أن أمر كيان يهود من أهون الشرور التي ابتلينا بها، وقد كشف صدق ثلة قليلة من المؤمنين وهن هذا الكيان المسخ، فكيف لو أن جيوش الأمة زمجرت تحت قيادة مخلصة، في ظل دولة الإسلام؟

   إلا أنه وإن كنا لا نحمّل أهل تونس كامل العبء في نجدة إخوانهم في غزة، فإن فيهم من الصدق والعزم ما يجعل من أبناء جامع عقبة وجامع الزيتونة، ومن بلدهم الطاهر، الموئل الذي يُستند إليه، والمرتكز الذي يقام فيه صرح دولة الخلافة، على منهاج النبوة. فهم قد أبانوا عن صدق ووحدة مشاعرهم تجاه إخوانهم، وانجلت عن عيونهم غشاوة طالما عمل المغرضون على تفريق صفهم وهم أبناء عقيدة لا إلاه إلا الله محمد رسول الله. فهل ينتظرون ممن تآمر وخان، واتبع سبيل من حادّ الله ورسوله أن ينقذ مسلما أ و ينصر مستضعفا؟

:إنه وقت انكشف فيه

ـ العالم «الحرّ» القبيح بزعامة أمريكا، وحقيقة دعاويه عن حقوق الإنسان فإذا نحن لسنا عنده من البشر، وإذا الفلسطينيون «حيوانات في هيئة بشر»، فلا بأس حينئذ آن يقتلونا وآن يُدمّروا فلسطيننا كما دمّروا من قبل شامنا ويمننا وعراقنا وسوداننا

ـ الفكر الغربيّ الذي لا يُنتج إلّا كلّ طغيان وظلم

ـ الديمقراطيّة التي لا توصل إلى الحكم إلّا كلّ خادم لحيتان المال في العالم من فئة مصّاصي الدّماء الذين لا يرتوون من دماء الشعوب

ـ أشباه السياسيين في بلادنا وكلّ بلاد المسلمين، الذين وضعهم الغرب المستعمر لمثل هاته الأيام، ليلجموا تحرّكاتكم ويصرفوها  إلى مجرّد تنديدات لا تزيد الأوضاع إلا سوءا، وليحبسوا جيوشكم في ثكناتهم لا يخرجونهم إلّا من آجل قمعكم وحراسة عروشهم المعوجّة بل حراسة مصالح العدوّ، ألا تذكرون تّمارين العسكريّة (المناورات) التي  حرصت تونس على إجرائها سنويّا مع العدوّ الأمريكي التي مكنت الجيش الأمريكي من دراسة طبيعة الميدان في المنطقة ومكّنت أمريكا من استخدام ضباطنا وجنودنا لا في تدريباتها فحسب بل في غرس «عقيدة» عسكرية تجعل من جيوش المنطقة مشلولة لا يِفكّر قادتها إلّا في محاربة «الإرهاب» حسب الأجندة الأمريكية..

ـ «خارطة الطريق» التي عقدتها السلطة في تونس مع «الآفريكوم» القيادة العسكريّة الأمريكية تريد أن تجعل من جنود تونس وضباطها مجرّد وحدات ملحقة بجيشها

وما خفي أشدّ وأعظم

فهل سنكتفي ككلّ مرّة بمسيرات النّصرة التي لم يستجب لها أحد، آم ننتقل هذه المرّة من آجل نُصرة حقيقيّة وفعّالة تكون بإزالة جميع القيود التي كبّلنا بها المستعمر (فكره السقيم، وديمقراطيّته العاجزة البائسة وعملاءه الذين مردوا على التذلّلّ والهوان) ليعود الآمر إلينا ليعود القرار إلينا فتتحرر الجيوش وتهبّ لنصر عزيز مؤزّر بإذن الله

وإنّ ذلك لكائن قريبا قريبا وعدا من الله غير مكذوب

CATEGORIES
Share This