نقابة التعليم في مواجهة ناجي جلول، من المتضرر ؟؟

منذ فترة حكم بورقيبة وبن علي وصولا الى هذه الفترة، مثلت وزارة التربية والتعليم حقيبة سياسية يهتم بها كل الساسة وخاصة منهم الطامحين الى الحكم او من يحملون رؤى أيدولوجية يريدون فرضها في المجتمع.

ناجي جلول القيادي في حزب نداء تونس واليساري الذي أبرزه الاعلام ونفخ في صورته كأستاذ التاريخ والحضارة، لم يكن استثناء، بل زعم انه يسعى الى اصلاح المنظومة التعليمية على طريقة الوزير محمد الشرفي الذي دمر جيلا وأسس الى حقبة فساد وتدهور في المستوى الثقافي والفكري. وبعد فترة قليلة من تعيينه انطلق خلاف بينه وبين نقابات التعليم لتتطور الى صراع سمي بصراع كسر العظام، اذ بلغت الى حدود المطالبة بعزله، وقد نفذت في ذلك عديد من التحركات الاحتجاجية والمسيرات الجماهيرية فضلا عن تكرر الاضراباتالقطاعية العامة، لتتطور الى تبادل وتراشق بالتهم بين الطرفين. وهو ما دفع الكاتب العام للنقابة العامة للتعليم الثانوي لسعد اليعقوبي ان يواصل تحدّيه مصرّحا أن إمكانية تمسك الحكومة بناجي جلول هو “توجه” نحو منطق التصعيد، وفق رأيه، مشددا “ان رئيس الحكومة مطالب بأن يأخذ قرارا ينظر فيه الى الواقع التربوي نظرة سليمة وصحيحة”اما جلول فقد أكد في حوار لجريدة الشروق يوم السبت 18 فيفري 2017 إن ما يروّج حول إقالته الوشيكة من منصبه ضمن تحوير وزاري وشيك هي مجرد إشاعات تهدف إلى التشويش على عمل الحكومة واتّهم من وصفهم بجرحى الانتخابات الذين لم يقبلوا نتيجة الانتخابات الماضية بالوقوف وراء ترويج هذه الإشاعات حسب تعبيره. واذ اخذ هذا الصراع مدة طويلة، لم يكن فيها متضرر أكثر من التلاميذ الذي تعطلت دروسهم وامتحاناتهم، ثم الاولياء الذين ينظرون الى مصير ابناءهم بحالة من الحيرة والخوف، الا ان طرفي الصراع عملوا على اقحامهم فيه، فقد استغلت النقابة قطاعا حساسا ارادت الضغط به على الحكومة وابراز عضلاتها، كما ان الاطراف الداعمة للوزير قامت بنفس الشيء وحاولت تأليب الاولياء والتلاميذ ضد النقابة عبر وقفة احتجاجية لم تبلغ بضع العشرات نفذوها يوم السبت 25 فيفري 2017. ان هذا الوزير لا يحمل مشروعا اصلاحيا، بل كل ما قام به هي حركات شعوبية تصورها كاميرات تابعة له على أساس أنها تغطية صحفية لزيارته الفجئية وكلامه المتعجرف مع اساتذة ومعلمين، فضلا عن حديثه عن تجربة اللوحات الالكترونية في بعض الاحياء الراقية في الوقت الذي لايزال فيه عدد كبير من التلاميذ يسيرون كيلومترات بأقدام حافية وألبسة بالية، كما اثبت ان التغيير في البرامج لا يتعدى كونه ضرب للقيم واعتداء على الهوية الاسلامية. وفي الحقيقة مشروع ناجي جلول اتضح انه توجه نحو خصخصة التعليم وضرب التعليم العمومي استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي الذي اكدت تقارير انه يعتبر ان التعليم العمومي يحظى بنفقات كبيرة من ميزانية الدولة تتوزع على كتلة أجور الأساتذة والمعلمين ومصاريف تهيئة المدارس والمعاهد والمرافق التربوية والتعليمية. ومن جهة أخرى ان تحفظات النقابة على الوزير لم تطرح رؤى حقيقية واضحة لما يجب أن يكون عليه التعليم في تونس أو، عن منهجية للارتقاء بالبلاد وجيل مستقبلها، اذ تمحورت في صراع سياسي تعلل بتصرفات وسلوكيات جلول المسيئة لمنظوريهم في القطاع. فالإطاحة بجلول وعزله هي ضرورة لا ماحالة لكنها لن تحدث التغيير مادامت البلاد تحكم على نفس المنهج والاسلوب الذي يجعل المنظومة تستورد من بعض مكاتب الدراسات الخارجية على غرار منظومة الكفايات الأساسية وأمد، في منهجية التبعية والالتزام بالأجندات الاستعمارية. فعزل جلول أكيد وعاجل ولكن تغيير كل المنظومة هو أوكد وأهم لصلاح التعليم وكل القطاعات الحيوية والمتدخلة في قضية بناء النهضة في تونس وكل البلاد الاسلامية

 محمد ياسين صميدة

CATEGORIES
TAGS
Share This