أمريكا في ورطة مع كوريا الشمالية
الخبر:
تحت عنوان “الخارجية الأمريكية: كوريا الشمالية لم تبد اهتماما بالمحادثات” ذكرت رويترز أن وزارة الخارجية الأمريكية قالت يوم السبت إن كوريا الشمالية لم تبد اهتماما بالسعي نحو المحادثات بشأن برامجها النووية والصاروخية بعدما أقر وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون بأن الولايات المتحدة تتواصل بشكل مباشر مع بيونغ يانغ.
وقالت المتحدثة هيذر نويرت في بيان “مسؤولو كوريا الشمالية لم يبدوا أي إشارة على اهتمامهم أو استعدادهم للمحادثات بشأن نزع السلاح النووي”.
التعليق:
لا ينكر أحد بأن كوريا الشمالية والاستفزازات المتبادلة بينها وبين أمريكا باتت هي الشغل الشاغل في واشنطن، ولا ينكر أحد بأن كوريا الشمالية قد أحسنت استغلال الظروف الدولية لبناء ترسانتها الصاروخية والنووية بما يخيف أمريكا فعلاً. فأصل الأزمات الأمريكية مع كوريا الشمالية بأنها تريد إشعال فناء الصين لتهديد الصين نفسها، لكن انقلب السحر على الساحر بعد أن أصبحت صواريخ كوريا الشمالية يمكن أن تطال الأراضي الأمريكية نفسها، أي أن الحرب إن وقعت فلن تكون محصورة في فناء الصين كما تريد أمريكا، وإنما ستكون على أراضيها أيضاً.
فطوال التورط الأمريكي في العراق بين 2003-2009 كانت كوريا الشمالية تسير خطوات كبيرة لبناء قدراتها النووية والصاروخية، ففجرت أولى قنابلها النووية سنة 2006، أي في الوقت الذي كانت أمريكا تسحب جيوشها من حول العالم وترسلها لمكافحة الثورة في العراق، وما أن نجحت أمريكا في أن تنجو من الهزيمة في العراق حتى أضحت كوريا الشمالية رقماً نووياً صعباً في وجه أمريكا.
وباكتمال تجاربها الصاروخية التي يزيد مداها عن 10 آلاف كيلومتر فقد صار البر الرئيسي الأمريكي، أي مدن الساحل الشرقي في مدى الصواريخ الكورية، بمعنى أن هذه الحرب إن أشعلتها أمريكا فستكون الأولى لأمريكا التي تمتد بشكل مباشر إلى أراضيها، وهذا تهديد كبير لأمن أمريكا. صحيح أن لأمريكا درعا صاروخية لكنها غير مجربة في الحرب الفعلية ضد الصواريخ بعيدة المدى ما يجعل أي خطأ فيها قاتلاً، وزد على ذلك بأن في ترسانة كوريا الشمالية الحربية سلاح الغواصات الذي يمكن أن يضرب أمريكا عن قرب، فيتجنب الدرع الصاروخية، وبالمجمل فإن إصابة كوريا الشمالية لأهداف داخل أمريكا قد أصبح أمراً واقعاً على الأرجح.
لكل ذلك لم يعد بديلاً أمام أمريكا إلا الحوار، بل صارت تستجدي الصين للمساهمة في حل الأزمة الكورية بدل تهديدها بها، مع أن ذلك لا يزال حاصلاً. وأمريكا وكذلك الدول الكبرى تريد أن تخضع أمم العالم دون أن تطالها خسائر كبيرة، وهي ليست مستعدة لخوض حروب فعلية ضد قوىً سلاحُها فتاك.
وما يحصل لأمريكا مع كوريا الشمالية تجربة جديرة بالدراسة من المسلمين، مفادها أن القوة والإعداد للحرب هو فقط ما يدفع الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا إلى التفكير طويلاً قبل قرار خوض الحرب.
عصام البخاري