أعلن وزير الخارجية الأمريكي رسمياً بداية هذا الشهر انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى الموقعة مع روسيا سنة 1987م، فما هي أبعاد هذا الانسحاب الأمريكي؟ وهل كانت روسيا تنتهك الاتفاقية فعلاً أم أن ذلك مجرد ذريعة أمريكية للانسحاب؟ وإذا لم تنتهك روسيا الاتفاقية فإذن ما هي أهداف أمريكا من الانسحاب ولماذا انسحبت؟ وجزاك الله خيراً.
الجواب: حتى يتضح الجواب نستعرض الأمور التالية:
أولاً: نعم (أعلن وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الجمعة، تعليق أمريكا التزامها بمعاهدة حظر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى مع روسيا. وقال بومبيو: “سنقدم إخطارا رسميا لروسيا بانسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة في غضون ستة أشهر”. وأكد أن “بلاده ستعلق التزاماتها بموجب معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى اعتبارا من غد السبت”. وهدد بأنه “إذا لم تعد روسيا للالتزام بالمعاهدة فسينتهي العمل بها”… عربي 21، 1/2/2019) وكان هذا الإعلان الأمريكي متوقعاً بعد أن أخذت الولايات المتحدة تثير الشكوك ومنذ أشهر حول التزام روسيا بالمعاهدة المسماة “أي إن إف” (وقال ترامب إن الولايات المتحدة لن تترك روسيا مستمرة في صنع الأسلحة “بينما يحظر علينا ذلك”… بي بي سي 21/10/2018)، وأما روسيا فقد ذهلت من هذه الخطوة لإدارة ترامب (قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف “ستكون هذه خطوة خطيرة جدا، وستثير استنكارا حادا”. وأضاف في حديث لوكالة أنباء تاس الروسية أن المعاهدة مهمة للأمن العالمي في أجواء سباق التسلح، ومن أجل الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي. وأدان ريابكوف ما وصفه “بمحاولات الولايات المتحدة للحصول على تنازلات عبر الابتزاز”… بي بي سي 21/10/2018) وبعد إبلاغها رسمياً بالانسحاب الأمريكي فقد ردت روسيا بخطوة مماثلة (وقال لافروف في موجز صحفي في عشق آباد: “لقد حدد الرئيس فلاديمير بوتين موقفنا ومفاده أننا سنرد بشكل مماثل تماما”. وأضاف: “علّق الأمريكان التزامهم بالمعاهدة، وفعلنا الشيء نفسه، وعند انتهاء مهلة الأشهر الستة – المنصوص عليها في المعاهدة -، ونتيجة للمذكرة الرسمية الأمريكية بانسحاب واشنطن من المعاهدة، سننهي سريانها” من جهتنا… آر تي 6/2/2019) وبهذا يتضح بأن الولايات المتحدة تقوم بعملية انسحاب فعلية من تلك الاتفاقية، حتى قبل انقضاء الشهور الستة، وقد أعلنت أنها ستبدأ بالأبحاث والبرامج الصاروخية التي كانت تمتنع عنها بموجب الاتفاقية…
ثانياً:
أما أن يكون سبب انسحاب الولايات المتحدة هو ما أعلنته من أن روسيا بتصنيعها لصاروخ “9m729” قد انتهكت الاتفاقية، فهذا غير صحيح ومستبعد، فروسيا تعلن أن صاروخها يبلغ مداه 480 كيلومتراً، أي دون الـ500 كيلومتر التي تحظر الاتفاقية النشاط فيها، إذ إن الاتفاقية كانت تنص على حظر الصواريخ القصيرة المدى من 500-1000 كيلومتر، والمتوسطة المدى من 1000-5500 كيلومتر. والصواريخ الروسية قصيرة المدى وكذلك المتوسطة لا تهدد الأراضي الأمريكية مباشرة، بل إن الاتحاد السوفييتي الذي كان محاطاً بالكثير من الأعداء كان يصنع كميات كبيرة من هذه الصواريخ التي تطال بشكل خاص أوروبا الغربية، وعندما نصبت أمريكا في أوروبا الغربية صواريخ بيرشينغ وكروز في ثمانينات القرن الماضي، ورد الاتحاد السوفييتي بنصب صواريخ إس 20 متوسطة المدى، فقد أصبحت أوروبا هي الساحة الأكثر احتمالاً للحرب النووية بين أمريكا والاتحاد السوفييتي في الثمانينات، لذلك أصابها الذعر، وضغطت من أجل الوصول إلى معاهدة الحد من الصواريخ متوسطة المدى.
ثالثاً:
وبالنظر في تلك الخطوة الأمريكية وقتها يمكن فهم خطورة السياسة الأمريكية، فمن ناحية زادت أمريكا في ربط أوروبا الغربية أمنياً بها، وجعلت مصير القارة الأوروبية رهناً بيد واشنطن، ومن ناحية ثانية فقد كانت أمريكا ترى خطوات غورباتشوف المتهالكة لنزع السلاح منذ بداية الثمانينات، ولما نضجت مفاوضات نزع الأسلحة بينهما وتم توقيع الاتفاقية تلك فقد جعلتها أمريكا خاصة بالصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، لتكون الخسارة الكبرى للاتحاد السوفييتي الذي دمر 1800 صاروخٍ نوويٍّ أنفق عليها من أمواله في الوقت الذي دمرت فيه أمريكا 800 صاروخ فقط، أي أقل من نصف ما دمرته موسكو (بحلول أيار/مايو عام 1991 أعلن الطرفان تدمير أكثر من 2600 صاروخ تنفيذا للمعاهدة، نصيب روسيا منها نحو 1800 صاروخ… الجزيرة نت 2/2/2019). أي أن العمل بالاتفاقية لتدمير الصواريخ كان قد انتهى سنة 1991، وبقي الالتزام بالاتفاقية أي الامتناع عن تصنيع صواريخ نووية شبيهة بها…
رابعاً:
وبالنظر في الاستراتيجية الأمريكية التي تعمل بها إدارة ترامب وقبلها جزئياً إدارة أوباما يمكن إدراك أن التطورات العالمية أوجبت على واشنطن إعادة النظر في مجمل السياسة الأمريكية… والقضايا العميقة التي يلاحظ أن الاستراتيجية الأمريكية تستهدف علاجها هي:
1– الاقتصاد الأمريكي: رأت أمريكا أن اقتصادها باعتباره ركناً من أركان عظمتها الدولية قد أصابه وهن دولي… ومع ذلك فقد لاحظت بأن أوروبا قوية اقتصادياً لأنها لا تنفق على الأمن بالدرجة الكافية، إذ إنها مطمئنة للمظلة الأمنية الأمريكية… ومن ناحية لا تقل أهمية عن أوروبا فإن صعود الصين كان سريعاً للغاية، فبنت اقتصاداً من الطراز الأول في فترة عقدين فقط، وبنت مؤسسات نقدية كبنك التنمية الآسيوي بما يهدد مكانة المؤسسات الدولية التي بنتها أمريكا، كالبنك الدولي… هذه الحقائق والتقلبات الدولية الاقتصادية قد شككت أمريكا في مستقبل اقتصادها باعتباره ركناً أساسياً في هيمنتها الدولية، لذلك أخذت تركز على عظمتها العسكرية، أي تكشف عن أنيابها الصاروخية والنووية لتخيف بها الدول المنافسة، وأمريكا على عهد ترامب لم تعد تخفي أهدافها، فقد قال الرئيس الأمريكي (إن بلاده ستزيد قدرتها النووية حتى “يعود الآخرون إلى وعيهم”) اليوم السابع 6/11/2018.
2- النزعات الأوروبية ضد أمريكا: لقد دعا الرئيس الفرنسي ماكرون إلى إنشاء جيش أوروبي للوقوف ضد التهديدات الروسية والصينية، بل والأمريكية، فاستغرب ترامب كيف يمكن لأوروبا أن تفكر بأن أمريكا تشكل تهديداً لأمنها وهي من يظلها ويحفظ أمنها وينفق من أجل حمايتها… كما أن أوروبا تعارض أمريكا في الكثير من المواضع كاتفاقية المناخ، وحرب أمريكا على العراق، وصراعات النفوذ المضنية في مناطق عربية وإسلامية وأفريقية، بل وتتعاون أوروبا بشكل كبير مع الصين… لكل ذلك فإن أمريكا تريد للتهديد الروسي أن يعيد لأوروبا صوابها، فبانسحابها من المعاهدة مع روسيا ستضطر روسيا إلى الانطلاق في صناعة الصواريخ ومن ثم تعيد التهديد النووي الروسي ليجثم بثقله فوق أوروبا الأقرب إلى روسيا حيث كانت المعاهدة تشكل وقفاً للتنافس النووي على أرض أوروبا، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، بقوله (في بيان نقلته وكالة “رويترز”، إنه “على مدى 30 عاما كانت المعاهدة ركيزة أساسية لأمن أوروبا”… سبوتنيك الروسية 21/10/2019). ومن قبل قال هايكو ماس لوكالة الأنباء الألمانية: (إن بلاده ستعارض بقوة أي تحرك لنشر صواريخ نووية جديدة متوسطة المدى في أوروبا …ونقلت وكالة الأنباء عنه قوله في مقابلة نشرت يوم الأربعاء يجب ألا تصبح أوروبا تحت أي ظرف ساحة نقاش عن إعادة التسلح… الوفاق أون لاين 28/12/2018) وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد قال قبل ذلك (إن انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى سيعرض الأمن الأوروبي للخطر. وأضاف ماكرون في حديثه لإذاعة “أوروبا 1” الفرنسية، اليوم الثلاثاء، “عندما أرى أن الرئيس ترامب أعلن منذ عدة أسابيع انسحابه من المعاهدة الهامة لنزع السلاح، فمن الذي سيصبح ضحية رئيسية… اليوم السابع 6/11/2018).
3– السياسة الروسية والضغط الأمريكي عليها: بعد تولي إدارة ترامب الحكم في أمريكا لا يكاد يمر شهر دون زيادة الضغوط الأمريكية على روسيا، من عقوبات وتقريب بُنية الناتو العسكرية من حدود روسيا، وضم بلدان جديدة للناتو (مقدونيا)، وتوريط روسيا في سوريا، والتباطؤ في مساعدتها بمخرج من ورطتها، ونصب منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ عند حدودها الشرقية (في كوريا الجنوبية)، وليس آخر تلك الضغوط الأمريكية بعث الحياة في المطالبات اليابانية بجزر الكوريل وتأزيم العلاقات الروسية اليابانية… والذي جرّأ أمريكا على روسيا استجابة روسيا لها في سوريا، فأرادت أمريكا أن تنقل خدمات روسيا الدولية لأمريكا إلى محيط الصين، وروسيا من جانبها تفهم هذه السياسة بوضوح، إذ كان وزير الخارجية الروسي صريحاً عندما قال (أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الولايات المتحدة لن تتمكن من تحويل روسيا إلى أداة لخدمة مصالحها، ومواجهة الصين…، وقال: “يعملون على شيطنتنا من أجل فرض الانضباط على أوروبا وتعزيز العروة الأوروبية الأطلسية. وعلى سبيل المثال أيضا، يناقشون الآن وبجدية، كيفية استخدام روسيا ضد الصين لصالحهم… رغبة منهم في جعلنا أداة لخدمة مصالح الولايات المتحدة”… آر تي 24/12/2018). فروسيا بعد نجاح أمريكا بتوريطها في سوريا خدمةً للمصالح الأمريكية تتعرض لضغوط كبيرة لجرها ضد الصين، وهذا خط عريض في السياسة الأمريكية الجديدة على الاتجاه الروسي… فبانسحاب أمريكا من معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة مع روسيا فإنها تزيد من الضغوط على روسيا من ناحية، ومن ناحية أخرى تعمل على توتير علاقاتها مع الصين: أما زيادة الضغوط على روسيا فهو عن طريق دفعها إلى سباق تسلح جديد ليس اقتصادها بقادر على خوضه، قال سيرغي ريابكوف نائب ووزير الخارجية الروسي (لا نريد الانخراط في سباق تسلح مع الولايات المتحدة بينما هي تسعى لجرنا لذلك… قناة آر تي عربي 7/2/2019)… وأما توتير العلاقة مع الصين فإن إجبار أمريكا لروسيا على خوض سباق تسلح في الأسلحة الاستراتيجية المتوسطة والقصيرة سيوجد التوجس الكبير في الصين التي تجاورها الحدود، إذ تصبح كافة الأراضي الصينية في مرمى تلك الصواريخ التي كانت قد انتهت من روسيا بحلول سنة 1991، ومن ثم يوجِد هذا الأمر توتراً بين الصين وروسيا.
4– الصعود الصيني الكبير وما يلزم أمريكياً لمواجهته: تضع الاستراتيجية الأمريكية الجديدة المعمول بها منذ ولاية أوباما الثانية الصين في مقدمة الأولويات الأمريكية، وقد صعَّد ترامب من هذه الأولوية فهو يخوض مع الصين حرباً تجارية لوقف صعودها، وخاصة وأن القوة الاقتصادية الجبارة للصين تجعلها قادرة على بناء جيش قوي لا تنقصه الأسلحة النووية، ويمكن تطويرها وتشكيل المزيد من المخاطر للقوة والهيمنة الأمريكية. فالميزانية العسكرية التي تعلنها الصين (228 مليار دولار) هي أكبر من الميزانيات العسكرية للدول الأربع التالية للصين (روسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا مجتمِعات) ولا تستبعد أمريكا أن تكون الصين تخفي بعض برامجها العسكرية، إذ إن اقتصادها يؤهلها للمزيد من الإنفاق العسكري. هذا من ناحية… ومن ناحية أخرى، فإن أمريكا التي ترهقها الحرب الاقتصادية مع الصين بسبب تقارب الاقتصادين في القوة تريد أن تنقل جهودها للحد من نمو الصين إلى الساحة العسكرية التي هي متفوقة فيها بشكل حاسم مقارنةً بالصين. ولهذا فأمريكا تريد أن تتحلل من القيود (معاهدة الصواريخ مع روسيا) التي تمنعها من إحاطة الصين بالأسلحة النووية المتوسطة والقصيرة المدى التي يمكن لها نصبها في كوريا الجنوبية واليابان وبلدان أخرى حول الصين… وبعبارة أخرى تريد تبديد القوة الاقتصادية الصينية عن طريق دفعها إلى سباق تسلح فتقوم الصين بتصنيع المزيد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة رداً على الخطوات الأمريكية المحتملة في محيط الصين في وقت توظف فيه أمريكا ليس فقط طاقاتها الاقتصادية بل وطاقات غيرها كاليابان وكوريا الجنوبية في سباق التسلح للشرق الأقصى، فيحمل ذلك الاقتصاد الصيني إلى النزول عن مرتبته الحالية.
خامساً:
والخلاصة فإن الأهداف الأمريكية بعيدة المدى تصبح واضحة بانسحابها من اتفاقية الصواريخ مع روسيا على النحو التالي:
1- مع تراجع الاقتصاد الأمريكي وضعف فعاليته كأداة رئيسية من أدوات الهيمنة الأمريكية خاصة مع تعاظم الاقتصاد الصيني ومنافسته لنظيره الأمريكي، وكذلك المنافسة الأوروبية، فإن أمريكا قررت الزيادة في إبراز قدراتها العسكرية الاستراتيجية التي لا منافس لها لحسم وتثبيت هيمنتها الدولية في أوروبا، ومع روسيا، وكذلك مع الصين.
2- مع تنامي التفلُّت الأوروبي ومناكفة الدول الأوروبية لأمريكا سياسياً في الكثير من القضايا الدولية فإن أمريكا قررت أن تعيد التهديد الروسي ليجثم على صدر أوروبا من جديد تماماً كما كان إبان الحقبة السوفييتية، وذلك بإيجاد سباق التسلح من جديد مع روسيا لإجبار الدول الأوروبية على اللجوء للمظلة النووية الأمريكية لحمايتها من روسيا، وبالتالي قبولها بشروط واشنطن الجديدة مثل زيادة الإنفاق العسكري، وضمان بقائها تحت القيادة الأمريكية.
3- زيادة الضغط على روسيا، وتهديد وضعها الاستراتيجي القائم بسباق تسلح جديد لا تطيقه روسيا، وحملها جبراً على مواقف لا تروق للصين مما يباعد بين البلدين. فوفق الوضع الاستراتيجي الجديد الذي يفرضه انسحاب واشنطن من المعاهدة فإن روسيا أمام خيارين أحدهما أمرّ من الآخر، فإما أن تسير بسباق تسلح خاسر يكشف محدودية قدراتها الاستراتيجية، فتنتقل بذلك إلى مرتبة أقرب إلى وضع فرنسا وبريطانيا من حيث القدرات الاستراتيجية، أو أن تستجيب للضغوط الأمريكية التي يمكن أن تحفظ لها ماء وجهها، فتحافظ على عظمة دولية مرهونة تماماً بقبول أمريكا، مقابل أن تسير مع أمريكا لخدمة أهدافها في محيط الصين.
4- وأما على جانب الصين فإن أهداف أمريكا من الانسحاب من معاهدتها مع روسيا قد تكون في الأولوية رقم 1، فأمريكا تريد ضبط القدرات العسكرية للصين، ولا تريد لتلك القدرات أن تفاجئها كما فاجأها الاقتصاد الصيني في سرعة نموه… وذلك كأن تضبط هذه القدرات بمعاهدات تجعل نموها تحت عين وبصر أمريكا، أو أن تجبر الصين على خوض سباق التسلح الاستراتيجي في الشرق الأقصى، ذلك السباق الذي تتفوق به أمريكا، وتجعله أداةً قويةً في كسر صلابة الاقتصاد الصيني، وبالتالي دفعه باتجاه الانحدار.
سادساً:
وفي الختام فإن ما يوجد في القلب غصة أن المسلمين بعيدون عن حلبة الصراع الدولية هذه، فهم لا في العير ولا في النفير! بل إن حكام الضِّرار في البلاد الإسلامية قد صاروا أشد استجابةً لأمريكا خاصة والغرب عامة لمنع عملاق الإسلام من الظهور… ولكن ما تُظهره الأمة الإسلامية من حيوية متزايدة باتجاه الإسلام ورفض لمناهج حكامها العلمانية وتحركات ضدهم لتؤكد بأن حقبة العصر الجبري لم يبق لها طول حياة، وستخلفها بإذن الله دولة الخلافة الراشدة بأيدي العاملين الصادقين فتتحقق بشرى رسول الله e «ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ» ومن ثم تشرق الأرض بنور الخلافة من جديد وينكفئ الكفار المستعمرون مع شرورهم إلى عقر دارهم وتعود الأمة الإسلامية في صدر العالم تقوده بعيداً عن الشر وأهله ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.