منع الجيوش من نصرة فلسطين وتسخيرها تحت إمرة الأعداء عارٌ لا يجوز السّكوت عليه

منع الجيوش من نصرة فلسطين وتسخيرها تحت إمرة الأعداء عارٌ لا يجوز السّكوت عليه

مجازر عصابات يهود بحق المسلمين في فلسطين فاقت كلّ خيال،لم يسلم منهم بشر ولا حجر، ولم يدّخروا وسيلة في التقتيل بل الإبادة إلّا حاولوها…، ومع ذلك فقد بقي أهلنا في فلسطين صامدين لا يغادرون أرضهم، بقي أهلنا هناك شوكة في حلق يهود لا يستطيعون منها فكاكاً. إن عصابات يهود في كل جرائمهم (قديما وحديثا) يريدون إرهاب المسلمين وترويعهم ليتركوا أرضهم وليستسلموا لإرادتهم. إنهم في كل جرائمهم (قديما وحديثا) تدعمهم قوى الغرب المستعمر دولياً أن يذبحوا ويشردوا ويذلوا المسلمين. فقد قاموا من قبل بمجازرهم بدعم من بريطانيا، واليوم فتدعمهم أمريكا بالمال والسّلاح، بل تُشاركُهم قتل المسلمين، فأمريكا ليست أقلّ من عصابات يهود في قتل المسلمين. في العراق وأفغانستان وسوريا واليمن والسّودان…

ومع كلّ تلك المجازر يقف حكام المسلمين، متفرّجين، ممتنعين عن الرّدّ، لم تنطلق منهم رصاصة، بل لم نسمع منهم تهديدا لعصابات يهود لا تصريحا ولا تلميحا. فمثلهم وعصابات اليهود كمثل جزار يذبح ضحيته والحكام يُكتّفونها ويمنعونها من الحركة.

   إن الحكام لا يتصرفون، بل هم يمنعون الجميع من التصرف، يمنعون الجيوش من التحرك، ويمنعون المسلمين من أن يعينوا إخوانهم الذين يُقتلون أمام أعينهم،… يصمتالحكام صمت القبور، وإذا تكلموا آخذوا الجزّار فقط لأنه أحرجهم أمام شعوبهم وتساءلوا ماذا يريد أكثر مما قدمنا له. وإذا وقفوا موقفاً أخذوا موقف الوساطة بين الجزار والضحية كأنهم ليسوا من هذه الأمة وهم حقاً غرباء عنها. وإذا اجتمعوا لا يجتمعون إلّا على خيانة في مؤتمرات قمة حرصوا فيها على إظهار اعتدال مهين وتسامح ذليل يزعمون السلام، ويقدمون المبادراة تلو المبادراة، فيجيبهم يهود بالمجازر تلو المجازر، احتقاراً لهم وإهانة لو كانوا يشعرون.

          فقد سمّى حكام العرب قمة بيروت (2002)بـ «قمة الحق العربي» وهي في الحقيقة قمة التنازل عن الحق. إذ أعلنوا حينها التنازل عن أرض فلسطين المباركة التي احتلت سنة 1948 وهي تشكل حوالي 80% من مجمل فلسطين. وصار اسمها في قاموسهم السياسي «إسرائيل». وطالبوا فقط وعلى استحياء بالأراضي الفلسطينية التي احتلت سنة 1967 أي الضفة الغربية وقطاع غزة. وهي تشكل حوالي 20% من مجمل فلسطين. وصار الخلاف بين هؤلاء الحكام وبين اليهود على هذا الجزء من فلسطين. وأعلن كلّ حكام العرب منذ قمة بيروت تلك أن خيارهم الاستراتيجي هو السلام، وأنّهم محوا من قواميسهم كلمة حرب، وأمثلهم طريقة صار يتحدّث عن الممانعة لا الحرب.ليسجّلوا منذ ذلك الحين استسلاماً مخزيا يذل البلاد والعباد، استسلاماً يستجدونه استجداءً من الأمم المتحدة. وتخلّوا عن كلّ قوّة، في الوقت الذي تتضاعف فيه قوّة يهود بدعم أمريكي وغربي وقح. ويذكر الجميع أنّه قبل أن يجف حبر مقررات قمة الاستسلام في بيروت 2002 جرّد المقبور آرييل شارون آلته العسكريّة على أهلنا هناك في فلسطين وأعلنها حربا بلا حدود، بل هدّد وقتها الحكّام كلّهم، الذين تخلّوا بموجب اتفاقات أوسلو الخيانية وملحقاتها على تجريد الفلسطينيين من السّلاح الفعال الذي يواجه آلة الحرب اليهودية التدميرية، ولولا إيمان أهل فلسطين الذي يعمر قلوبهم، ولولا حملهم أرواحهم على راحاتهم في عمليات استشهادية بطولية لما استطاعوا الثبات في مواقفهم ناهيك عن الخسائر التي يلحقونها بالعدو.

          لقد سطَّر أهل فلسطين بدمائهم صحائف بيضاء في كل فلسطين في غزّة والضفّة ونابلس ورفح وأثبتوا كذب المتسلطين على رقاب الناس في بلاد المسلمين الذين يزعمون، جبناً وخذلاناً وخيانة، أنهم لا يستطيعون قتال يهود، فها هم مسلموا فلسطين بصدورهم العارية وأسلحتهم القليلة التي صنعوها بأيديهم يدخلون الرعب في قلوب يهود رغم ترسانة أسلحتهم التدميرية، رعباً يجعلهم لا يقاتلون وجهاً لوجه بل من وراء جدر، من داخل مجنـزراتهم ودباباتهم وطائراتهم، (لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر)  [الحشر/14] وكل ذلك خوفاً من مقاومين لا يملكون من السلاح إلا النـزر اليسير الذي لا يكاد يذكر أمام ترسانة العدو التي تمتلئ بمخزون السلاح الأميركي باستمرار.

     لقد صنع ثلّة من الشّباب الصّابرين المجاهدين بدمائهم خطاً أمامياً يحمي بلاد المسلمين من زحف يهود، فكيف لا تتحرك جيوش المسلمين لنصرتهم؟ كيف لا تنقض هذه الجيوش على الحكام الذين يمنعونهم من التحرك بل الذين يتشدّقون بحفظأمن يهود، وإذعاناً؟ بل كيف يشاركون أمريكا التي تقطر أياديها من دماء المسلمين في مناورات عسكريّة آثمة (كالتي تحدث هذه الأيّام في تونس والمغرب)؟ أليست هذه الجيوش من أبناء المسلمين؟ أليس من يقتلون في فلسطين هم إخوانهم في الدين؟ والله تعالى يقول: (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر) [الأنفال/72] أليست مهمّة الجيوش قتال العدو أم هي للمراسم والاحتفالات وحماية عروش الحكام المحاربين لله ولرسوله والمؤمنين؟!

          لقد طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، وتجرأ علينا عصابات من شذّاذ الآفاق، ممّن ضربت عليهم الذلة والمسكنة، كل ذلك والمتسلطون على رقابنا يوالونهم ويوادونهم. إنَّهم رغم المجازر والدماء التي تسفك لا زالوا يعلنون بلا حياء توسلهم لأميركا أن تضغط على يهود للرجوع إلى مائدة المفاوضات!، ولا زالوا يرددون أن القضية هي فقط في ما احتل من فلسطين في 1967 وأن تلك المحتلة في 1948 هي ليهود نقية خالصة! أليس هذا هو السوء بعينه والخيانة بقضها وقضيضها؟

          لقد ظهر الصبح لذي عينين، وأصبح الأمر بَيِّناً، والقضية واضحة جلية، فإنَّ الواجب يقتضي العمل لتحريك الجيوش في بلاد المسلمين لنصرة فلسطين، وأن يعمل لتغيير الأنظمة الخائنة الفاسدة في بلاد المسلمين التي تحول دون تحرك هذه الجيوش، فترك أهل فلسطين للذّبح اليومي، وترك مجاهدي فلسطين يتصدَّون وحدهم بأجسادهم لدبابات العدو وصواريخه وطائراته دون أن تتحرك الجيوش لنصرتهم، إن تركهم وحدهم وعدم نصرتهم لهو جريمة كبرى يبوء بإثمها وخزيها:

  • أولاً الحكام الذين فقدوا الإحساس، يشاهدون القتل والتنكيل ولا يحركون الجيوش للقتال.

  • وثانياً الجيوش وأهل القوة بسكوتهم على جريمة الحكام وعدم التغيير عليهم والانطلاق لقتال يهود. أو على الأقلّ الإعداد الجدّي لقتالهم

  • وثالثاً كل حاكم ومسئول في السلطة يستغل دماء الشهداء الزكية التي سفكت بأيدي يهود وجبلت بها أرض فلسطين الطهور، يستغلها مدخلاً للتفاوض مع يهود أو اللقاء معهم

  • ورابعاً كل من يرضى من الأمة بهذا الذل والهوان ولا يتحرك لتغييره.

هذا وإنّ الاكتفاء بالثناء على المجاهدين في فلسطين وبطولاتهم أو مجرّد الدّعاء لهم من على المنابر لا يسمن ولا يغني من جوع. بل التّخاذل والخذلان.

نعم شباب فلسطين أبطال حقاً بل فاقوا البطولة بما صنعوه، ولكن كل ما في اللغة من سجع وبديع، ومحاسن الأدب والشعر لا يعدل عُشر معشار غبار يثيره جندي من جنود المسلمين يزحف لنصرتهم.

وإن الحديد لا يفلّه إلا الحديد لا حسن القريض، (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)

CATEGORIES
Share This